للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

وقرأ الجمهور (١): {فَلْيُقَاتِلْ} بسكون، لام الأمر، وقرأت فرقة بكسرها على الأصل، وقرأ الجمهور: {فَيُقتَلْ} مبنيًّا للمفعول، وقرأ محارب بن دثار: {فيقتل} على بناء الفعل للفاعل، وأدغم باء يغلب في الفاء أبو عمرو والكسائي وهشام وخلاد بخلاف عنه، وأظهرها باقي السبعة، وقرأ الجمهور: {نُؤْتِيهِ} بالنون، وقرأ الأعش وطلحة بن مصرف {يؤتيه} بالياء.

٧٥ - ثم زاد ترغيبًا فيه فقال: {وَمَا لَكُمْ لَا تُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ} والاستفهام فيه للتحريض والأمر بالجهاد؛ أي: وأيُّ عذر ثبت لكم أيها المؤمنون يمنعكم أن تقاتلوا في سبيل الله مع المشركين، لتقيموا التوحيد مقام الشرك وتحلوا الخير محل الشر، وتضعوا العدل والرحمة موضع الظلم والقسوة، {و} أي شيء منعكم أن تقاتلوا في تخليص {الْمُسْتَضْعَفِينَ}؛ أي: في فك الضعفاء إخوانكم في الدين من أيدي المشركين حالة كونهم {مِنَ الرِّجَالِ} الضعفاء {وَالنِّسَاءِ وَالْوِلْدَانِ}؛ أي: الصبيان، وقيل المراد بالولدان العبيد والإماء، والمراد بالمستضعفين جماعة من المسلمين الذين بقوا بمكة وعجزوا عن الهجرة إلى المدينة، وكانوا يلقون من كفار مكة أذى شديدًا، وكان النبي - صلى الله عليه وسلم - يدعو لهم فيقول: "اللهم أنج الوليد بن الوليد، وسلمة بن هشام، وعياش بن ربيعة، والمستضعفين من المؤمنين"، قال ابن عباس: كنت أنا وأمي من المستضعفين من النساء والولدان، {الَّذِينَ يَقُولُونَ}؛ أي: وفي تخليص المستضعفين الذين فقدوا النصير والمعين، وتقطعت بهم أسباب الرجاء، فاستغاثوا بربهم ودعوه ليفرج كربهم، ويخرجهم من تلك القرية - مكة - لظلم أهلها لهم، ويسخر لهم بعنايته من يتولى أمرهم، وينصرهم على من ظلمهم، فيتمكنوا بذلك من الهجرة إليكم، ويرتبطوا بكم بأقوى الروابط، وهي رابطة الإيمان، فهي أقوى من رابطة الأنساب والأوطان، فقالوا في دعوتهم واستغاثتهم: {رَبَّنَا} ويا مالك أمرنا {أَخْرِجْنَا}؛ أي: حولنا وانقلنا {مِنْ هَذِهِ الْقَرْيَةِ} وهذه البلدة يعنون مكة {اَلظالمِ أهلُهَا}؛ أي: التي اتصف أهلها وساكنوها بالظلم؛ لأنهم كانوا مشركين، وكانوا يؤذون


(١) البحر المحيط.