للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

النور، وجنّبنا الفواحش ما ظهر منها وما بطن، وبارك لنا في أسماعنا وأبصارنا وقلوبنا وأزواجنا وذرّياتنا، وتب علينا إنك أنت التواب الرحيم، واجعلنا شاكرين لنعمتك، مثنين بها عليك، قابليها وأتمها علينا.

قال عليّ رضي الله عنه: هذه الآية: {رَبِّ أَوْزِعْنِي} نزلت في أبي بكر الصديق رضي الله عنه أسلم أبواه جميعًا، ولم يجتمع لأحد من المهاجرين أبواه غيره، فأوصاه الله بهما، ولزم ذلك من بعده، ووالده: هو أبو قحافة عثمان بن، عامر بن عمرو بن كعب بن سعد بن تيم، وأمه: أم الخير، واسمها سلمى بنت صخر بن عامر بن كعب بن سعد، وأم أبيه أبي قحافة: قيلة، وامرأة أبي بكر الصديق اسمها: قتيلة بنت عبد العزّى.

وقال ابن عباس عن قوله تعالى: {وَأَنْ أَعْمَلَ صَالِحًا تَرْضَاهُ وَأَصْلِحْ لِي فِي ذُرِّيَّتِي} أجاب الله دعاء أبي بكر، فاعتق تسعةً من المؤمنين يعذَّبون في الله، منهم: بلال وعامر بن فهيرة، ولم يدع شيئًا من الخير إلا أعانه الله عليه، ولم يبق له ولد ولا والد ولا والدة إلا آمنوا بالله وحده، ولم يكن أحد من أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أسلم هو وأبواه وأولاده وبناته كلهم إلا أبو بكر وهذا دليل على استجابة دعاء أبي بكر رضي الله عنه.

١٦ - ثم ذكر جزاء أصحاب هذه الأوصاف الجليلة، فقال: {أُولَئِكَ} إشارة إلى الإنسان المذكور، ولأنّ المراد به: الجنس المتصف بالوصف المحكي عنه، وهو مبتدأ خبره الموصول المذكور بعده؛ أي: أولئك المنعوتون بما ذكر من النعوت الجليلة هم {الَّذِينَ نَتَقَبَّلُ عَنْهُمْ أَحْسَنَ مَا عَمِلُوا} من الطاعات واجبة أو مندوبة، فإن المباحات حسن لا يثاب عليها، فأفعل التفضيل على بابه.

وقرأ الجمهور (١): {يتقبل} مبنيًا للمفعول {أحسن} رفعًا، وكذا {ويتجاوز}. وقرأ زيد بن عليّ وابن وثّاب وطلحة وأبو جعفر والأعمش بخلاف عنه، وحمزة والكسائي وحفص: {نَنَقَبَّل} {أَحْسَنَ} نصبًا، {وَنَتَجَاوَزُ} بالنون


(١) البحر المحيط.