للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

فيهما، وقرأ الحسن والأعمش وعيسى: بالياء فيهما مفتوحةً، ونصب {أَحْسَنَ}.

{وَنَتَجَاوَزُ}؛ أي: نتسامح {عَنْ سَيِّئَاتِهِمْ}؛ أي: ما فعلوا قبل التوبة، ولا يعاقبون عليها. قال الحسن: {مَنْ يَعْمَلْ سُوءًا يُجْزَ بِهِ} إنما ذلك من أراد الله سبحانه هوانه، وأما من أراد كرامته .. فإنه يتجاوز عن سيئاته حال كونهم كائنين {في} عداد {أَصْحَابُ الْجَنَّةِ} منتظمين في سلكهم، فالجار والمجرور: في محل النصب على الحال، كقولك: أكرمني الأمير في أصحابه؛ أي: كائنًا في جملتهم. وقيل: إن {في} بمعنى: مع؛ أي: مع أصحاب الجنة. وقيل: إنه خبر مبتدأ محذوف؛ أي: هم في أصحاب الجنة {وَعْدَ الصِّدْقِ} مصدر مؤكد لمضمون الجملة السابقة؛ لأنّ قوله: {أُولَئِكَ الَّذِينَ نَتَقَبَّلُ عَنْهُمْ} إلخ. في معنى الوعد بالتقبل والتجاوز.

والمعنى عليه: وعد الله أهل الإيمان أن يتقبل من محسنهم، ويتجاوز عن مسيئهم وعد الصدق. ويجوز أن يكون مصدرًا لفعل محذوف؛ أي: وعدهم الله وعد الصدق {الَّذِي كَانُوا يُوعَدُونَ} به في الدنيا على ألسنة الرسل، كما في قوله تعالى: {وَعَدَ اللَّهُ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ} الآية.

ومعنى الآية: أي (١) هؤلاء الذين هذه صفاتهم، هم الذين يتقبل الله عنهم أحسن ما عملوا في الدنيا من صالح الأعمال، فيجازيهم به، ويثيبهم عليه، ويصفح عن سيئات أعمالهم التي فرطت منهم في الدنيا لمامًا ولم تكن عادة لهم، بل جاءت بحافزة من القوة الشهوانية، أو القوة الغضبية، فلا يعاقبهم عليها، وهم منتظمون في سلك أصحاب الجنة، داخلون في عدادهم.

ثم أكد الوعد السابق بقوله: {وَعْدَ الصِّدْقِ الَّذِي كَانُوا يُوعَدُونَ}؛ أي: وعدهم الله الوعد الحق في لا شك فيه ولا خلف، وأنه موفّ به.

وهذه الآية كما تنطبق على سعد بن أبي وقاص، وعلى أبي بكر الصديق، اللذين قيل: في كل منهما نزلت الآية، تنطبق على كل مؤمن، فهو موصى


(١) المراغي.