ويؤيده القراءة بالإضافة، وأيًا ما كان، فامتناع صرفها للتعريف والتأنيث. وفي "المفردات": الآرام: أعلام تبنى من الحجارة، و {إِرَمَ ذَاتِ الْعِمَادِ (٧)}: إشارة إلى أعلامها المرفوعة المزخرفة على هيئة المنارة، أو على هيئة القبور، وفيه أيضًا حذف مضاف بمعنى أهل الأعلام {ذَاتِ الْعِمَادِ} صفة لـ {إِرَمَ}، واللام للجنس الشامل للقليل والكثير، والعماد كالعامود، والجمع: عَمَد بفتحتين، وعُمُد - بضمتين -: أي: ذات القدود الطوال على تشبيه قاماتهم بالأعمدة، أو ذات الخيام والأعمدة؛ حيث كانوا بدويين أهل عمد يطلبون الكلأ حيث كان، فإذا هاجت الريح ويبس العشب .. رجعوا إلى منازلهم، أو ذات البناء الرفيع، وكانوا ذوي أبنية مرفوعة على العمد، وكانوا يعالجون الأعمدة، فينصبونها ويبنون فوقها القصور، وكانت قصورهم ترى من أرض بعيدة، أو ذات الأساطين؛ إذ كانت مدينتهم ذات أبنية مرفوعة على الأسطوانات على أن إرم اسم بلدتهم.
وقال السهيلي رحمه الله تعالى: {إِرَمَ ذَاتِ الْعِمَادِ (٧)} وهو جيرون بن سعد بن إرم، وهو الذي بني مدينة دمشق على عمد من رخام، ذكر أنه أدخل فيها أربع مئة ألف عمود، وأربعين ألف عماد من رخام، فالمراد: هذه العماد التي كان البناء عليها في هذه المدينة، وكانت تسمى جيرون، وبه تعرف، وسميت دمشق بدمشق بن نمروذ عدو إبراهيم الخليل عليه السلام، وكان دمشق قد أسلم، وبنى جامع إبراهيم في الشام. انتهى. لعل هذا الرواية أصح، فليتأمل.
٨ - {الَّتِي لَمْ يُخْلَقْ مِثْلُهَا فِي الْبِلَادِ (٨)} صفة أخرى (١) لـ {إِرَمَ}، والضمير لها على أنها اسم القبيلة؛ أي: لم يخلق مثلهم في عظم الأجرام، والقوة في الآفاق والنواحي؛ حيث كان طول الرجل أربع مئة ذراع، وكان يأتي الصخرة العظيمة، فيحملها ويلقيها على الحي فيهلكهم، ولذا كانوا يقولون: من أشد منا قوة، ونظيرهم في الطيور: الرخ: هو طير في جزائر الصين، يكون جناحه الوحد عشرة آلاف باع، يحمل حجرًا في رجله كالبيت العظيم، ويلقيه على السفينة في البحر. أو المعنى: لم يخلق مثل مدينتهم في جميع بلاد الدنيا، فالضمير لها على أنها اسم البلدة.