للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

والجحدري ونافع وأبو عمرو وحفص: {يُظْهِرَ} بضم الياء وكسر الهاء، من أظهر الرباعي، وفاعله: ضمير {مُوسَى} و {الْفَسَادَ}: منصوب على أنه مفعول به، وقرأ باقي السبعة والأعرج والأعمش وابن وثاب وعيسى: {يَظهَر} بفتح الياء والهاء من ظهر الثلاثي، مبنيًا للفاعل ورفع {الفساد} على الفاعلية، وقرأ زيد بن علي: {يُظهَر} بضم الياء وفتح الهاء، مبنيًا للمفعول {الفساد} رفعًا على النيابة عن الفاعل، وقرأ مجاهد: {يظّهّرَ} بشد الظاء والهاء {الفساد} رفعًا.

٢٧ - ولما سمع موسى عليه السلام بمقالة فرعون .. استعاذ بالله من شر كل متكبر عن الإيمان به منكر بالبعث والنشور، فصانه من كل بلية، وإلى ذلك أشار بقوله: {وَقَالَ مُوسَى} عليه السلام لقومه حين سمع بما يقوله اللعين من حديث قتله عليه السلام: {إِنِّي عُذْتُ} واستجرت {بِرَبِّي وَرَبِّكُمْ}.

قرأ أبو عمرو وحمزة والكسائي هنا وفي الدخان (١): {عذتُّ} بإدغام الذال في التاء، وقرأ الباقون: بالإظهار، وخص (٢) اسم الرب؛ لأن المطلوب هو الحفظ والتربية، وإضافته إليه وإليهم للحث على موافقته في العياذ به تعالى، والتوكل عليه، فإن في تظاهر النفوس تأثيرًا قويًا. في استجلاب الإجابة، وهو السبب الأصلي في اجتماع الناس لأداء الصلوات الخمس والجمعة والأعياد والاستسقاء ونحوها.

{مِنْ كُلِّ مُتَكَبِّرٍ}؛ أي: من شر كل متعظم عن الإيمان بالله سبحانه، والتكبر: تعاظم الإنسان في نفسه مع حقارته. {لَا يُؤْمِنُ بِيَوْمِ الْحِسَابِ} والجزاء صفة لما قبله، عقب به لأن طبع المتكبر القاسي وشأنه إبطال الحق، وتحقير الخلق، لكنه قد ينزجر إذا كان مقرًّا بالجزاء، وخائفًا من الحساب، وأما إذا اجتمع التكبر والتكذيب بالبعث .. كان أظلم وأطغى، فلا عظيمة إلا ارتكبها، فيكون بالاستعاذة أولى وأحرى.

وصدر (٣) الكلام بـ {إنّ} تأكيدًا وإشعارًا على أن السبب المؤكد في دفع الشر هو العياذ بالله تعالى، والمسلم إذا قال عند القراءة: أعوذ بالله من الشيطان الرجيم .. فالله تعالى يصون دينه وإخلاصه عن وساس شياطين الجن، فكذلك إذا


(١) البحر المحيط.
(٢) روح البيان.
(٣) البيضاوي.