بالصفون والجودة ليجمع لها بين وصفين ممدوحين واقفة وجارية، فإذا وقفت كانت ساكنة مطمئنة في مواقفها، وإذا جرت كانت سراعًا خفافًا في جريها. وقيل: وصفها بالصفون لأنه لا يكون في الهجن، بل يكون في العراب الخلَّص. والصافنات: جمع صافن. قال الزجاج: الصافن هو الذي يقف على إحدى اليدين، ويرفع الأخرى، ويجعل على الأرض طرف الحافر منها، حتى كأنه يقوم على ثلاث: وهي الرجلان، وإحدى اليدين، وقد يفعل بإحدى رجليه، وهي علامة الفراهة، والجياد: جمع جواد، يقال للفرس إذا كان شديد العدو، وقيل: إنها الطوال الأعناق، من الجيد، وهو العنق.
قيل: كانت مئة فرس، وقيل: ألفا، وقيل: كانت عشرين ألفًا، وقيل: كانت عشرين فرسًا، وقيل: إنها خرجت له من البحر، وكانت لها أجنحة. روي: أن سليمان عليه السلام، غزا أهل دمشق ونصيبين، وهي قاعدة ديار ربيعة، فأصاب ألف فرس عربي، أو أصابها أبوه من العمالقة، فاستخلف عنه فيها؛ لأنها من مال المصالح، وعلى كل تقدير قعد سليمان يومًا، بعدما صلى الظهر على كرسيه، وكان يريد جهادًا، فاستعرض تلك الأفراس؛ أي: طلب عرضها عليه، فلم تزل تعرض عليه، وهو ينظر إليها، ويتعجب من حسنها حتى غربت الشمس، وغفل عن صلاة العصر، وكانت فرضًا عليه، كما في «كشف الأسرار»، وعن ورد: كان له وقتئذ من الذكر، وتهيبه قومه فلم يعلموه، فاغتم لما فاته بسبب السهو والنسيان، فاستردها، فعقرها تقربا إلى الله، وطلبا لمرضاته على أن يكون العقر قربة في تلك الشريعة، ولذا لم ينكر عليه، أو مباحا في ذلك اليوم، وإنما أراد بذلك: الاستهانة بمال الدنيا، لمكان فريضة الله، كما قاله أبو الليث. فلم يكن من قبيل تعذيب الحيوان، فلما عقرها لله تعالى، أبدله الله خيرًا منها، وأسرع. وهي الريح تجري بأمره حيث شاء.
٣٢ - {فَقالَ} سليمان: {إِنِّي أَحْبَبْتُ}؛ أي: آثرت {حُبَّ الْخَيْرِ}؛ أي: حب الخيل {عَنْ ذِكْرِ رَبِّي}؛ أي: على ذكر ربي يعني: صلاة العصر، قاله عليه السلام عند غروب الشمس اعترافًا بما صدر عنه من الاشتغال بها عن الصلاة، وندمًا