للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

٣ - أنعام لا يذكورن اسم الله عليها في الذبح، بل يهلون بها لآلهتهم وحدها، وكانوا إذا حجوا لا يحجون عليها، ولا يلبون على ظهرها {افْتِراءً عَلَيْهِ}؛ أي: أنهم قسموا هذا التقسيم، وجعلوه من أحكام الدين، ونسبوه إلى الله افتراء عليه، واختلاقا له، والله منه بريء فهو لم يشرعه لهم، وما كان لغير الله أن يحرم أو يحلل على العباد ما لم يأذن به الله كما جاء في قوله تعالى: {قُلْ أَرَأَيْتُمْ ما أَنْزَلَ اللَّهُ لَكُمْ مِنْ رِزْقٍ فَجَعَلْتُمْ مِنْهُ حَرامًا وَحَلالًا قُلْ آللَّهُ أَذِنَ لَكُمْ أَمْ عَلَى اللَّهِ تَفْتَرُونَ (٥٩)}.

{سَيَجْزِيهِمْ} الجزاء (١) الذي يستحقونه، وينكل بهم شر النكال {بِما كانُوا يَفْتَرُونَ}؛ أي: بسبب هذا الافتراء القبيح،

١٣٩ - ثم ذكر ضربا آخر من أحكامهم في التحريم والتحليل ينبىء عن سخفهم وقلة عقلهم فقال: {وَقالُوا}؛ أي: وقال مشركوا مكة وغيرهم: {ما فِي بُطُونِ هذِهِ الْأَنْعامِ}؛ أي: ما ولد من هذه البحائر والسوائب حيا {خالِصَةٌ لِذُكُورِنا}؛ أي: حلال لذكورنا خاصة، والهاء في {خالِصَةٌ} للمبالغة في الخلوص {وَمُحَرَّمٌ عَلى} جنس {أَزْواجِنا} وهي الإناث، فيدخل فيه البنات والأخوات ونحوهن {وَإِنْ يَكُنْ مَيْتَةً فَهُمْ}؛ أي: ذكورهم وإناثهم {فِيهِ شُرَكاءُ}؛ أي: وإن يكن الذي في بطون الأنعام ميتة .. فهم فيه؛ أي: في الذي في البطون شركاء يأكل منه الذكور والإناث؛ أي: وما ولد منها ميتا أكله الرجال والنساء جميعا {سَيَجْزِيهِمْ} الله سبحانه وتعالى {وَصْفَهُمْ} لما في بطونها بالتحليل والتحريم والتخصيص والاشتراك من قوله: {وَتَصِفُ أَلْسِنَتُهُمُ الْكَذِبَ}؛ أي: سيوصل الله لهم جزاء ذنوبهم وهو وصفهم له بالتحليل والتحريم، فالواصف بذلك أولا عمرو بن لحي، وقد رآه النبي صلى الله عليه وسلم يجر قصبه في النار، وكان يعلمهم تحريم الأنعام {إِنَّهُ} تعالى {حَكِيمٌ} في صنعه {عَلِيمٌ} بخلقه، وهذه الجملة تعليل لمجازاته إياهم؛ أي: فمن أجل حكمته وعلمه لا يترك جزاءهم.

قوله: {وَقالُوا ما فِي بُطُونِ هذِهِ الْأَنْعامِ}؛ المراد (٢) بالأنعام هنا البحائر؛


(١) المراح.
(٢) المراغي.