أي: المشقوقة الآذان، والسوائب التي تسيب وتترك للآلهة، فلا يتعرض لها أحد، وكانوا يجعلون لبنها للذكور، ويحرمونه على الإناث، وإذا ولدت ذكرا جعلوه خالصا للذكور لا تأكل منه الإناث، وإذا كان ميتة اشترك فيه الذكور والإناث، وإذا ولدت أنثى تركوها للنتاج.
قوله:{سَيَجْزِيهِمْ وَصْفَهُمْ إِنَّهُ حَكِيمٌ عَلِيمٌ}؛ أي: سيجزيهم الله تعالى جزاء وصفهم؛ لأن حكمته تعالى في الخلق وعلمه بشؤونهم جعلت عقابهم عين ما يقضيه وصفهم ونعتهم الروحي؛ إذ لكل نفس في الآخرة صفات تجعلها في مكان معين سواء أكان في أعلى عليين، أم في أسفل سافلين.
والخلاصة: أن منشأ الجزاء نفس الإنسان باعتبار عقائدها وسائر صفاتها التي يطبعها عليها العمل، وقيل: المعنى سيجزيهم وصفهم لربهم بما جعلوا له من الشركاء في العبادة والتشريع، أو وصف ألسنتهم الكذب بما افتروا عليه فيهما كما قال تعالى:{وَلا تَقُولُوا لِما تَصِفُ أَلْسِنَتُكُمُ الْكَذِبَ هذا حَلالٌ وَهذا حَرامٌ لِتَفْتَرُوا عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ ...} الآية.
وقرأ عبد الله وابن جبير وأبو العالية والضحاك وابن أبي عبلة (١): {خالص} - بالرفع بغير تاء - وهو خبر {ما}؛ و {لِذُكُورِنا} متعلق به. وقرأ ابن جبير فيما ذكر ابن جني:{خالصا} - بالنصب بغير تاء - وانتصب على الحال من الضمير الذي تضمنته الصلة، أو على الحال من {ما} على مذهب أبي الحسن في إجازته تقديم الحال على العامل فيها إذا كان ظرفا أو جارا ومجرورا نحو:
(زيد قائما في الدار) وخبر {ما} على هذه القراءة هو {لِذُكُورِنا}.
وقرأ ابن عباس والأعرج وقتادة وابن جبير أيضا:{خالصة} - بالنصب - وإعرابها كإعراب خالصا بالنصب، وخرج ذلك الزمخشري على أنه مصدر مؤكد كالعافية. وقرأ ابن عباس أيضا وأبو رزين وعكرمة وابن يعمر وأبو حيوة والزهري:{خالصه} بالإضافة إلى الضمير، وهو بدل من {ما}، أو مبتدأ خبره