للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

أي: وعنده علم الساعة وعنده قيله، أو على الابتداء، وخبره الجملة المذكورة بعده، أو خبره محذوف تقديره: وقيله كيت وكيت، أو وقيله مسموع.

قال بعضهم (١): والأوجه أن يكون الجر والنصب على إضمار حرف القسم وحذفه، يعني: أن الجر على إضمار حرف القسم، كما في قولك: اللَّهِ لأفعلن، النصب على حذفه وإيصال فعله إليه، كقولك: الله لأفعلن، كأنه قيل: وأقسم قيله، أو بقيله. والفرق بين الحذف والإضمار أنه في الحذف لا يبقى للذاهب أثر. نحو: {وَاسْأَلِ الْقَرْيَةَ}، وفي الإضمار يبقى له الأثر نحو: {انْتَهُوا خَيْرًا لَكُمْ}، والتقدير: افعلوا خيرًا لكم.

ويجوز الرفع في {قيله} على أنه قسم مرفوع بالابتداء، محذوف الخبر كقولهم: أيمن الله، ويكون {إِنَّ هَؤُلَاءِ} إلخ جواب القسم؛ أي: وقيله يا رب قسمي إن هؤلاء إلخ، وذلك لوقوع الفصل بين المعطوف والمعطوف عليه، بما لا يحسن اعتراضًا إن كان مرفوعًا معطوفًا على {عِلْمُ السَّاعَةِ}، بتقدير مضاف مع تنافر النظم، ورجح الزمخشري احتمال القسم لسلامته عن وقوع الفصل وتنافر النظم، ولكن في القسم التزام حذف وإضمار بلا قرينةٍ ظاهرة في اللفظ الذي لم يشتهر استعماله في القسم.

قال أبو عبيد (٢): يقال: قلت قولًا وقيلًا وقالًا. والضمير في {وَقِيلِهِ} راجع إلى النبي - صلى الله عليه وسلم -، قال قتادة: هذا نبيكم يشكو قومه إلى ربه. وقيل: الضمير عائد إلى المسيح، وعلى الوجهين فالمعنى: أنه قال مناديًا لربه {يَا رَبِّ إِنَّ هَؤُلَاءِ} الذين أرسلتني إليهم {قَوْمٌ لَا يُؤْمِنُونَ}.

والمعنى (٣): أي ويعلم سبحانه علم الساعة، وقوله - صلى الله عليه وسلم - لربه شاكيًا قومه، الذين كذبوه، ولقي منهم شديد الأذى: يا رب إن هؤلاء المشركين الذين أمرتني بإنذارهم، وأرسلتني إليهم لتبليغهم دينك الحق قوم لا يؤمنون؛ أي: لا يريدون الإيمان.

٨٩ - ولما شكا الرسول - صلى الله عليه وسلم - إلى ربه عدم إيمانهم، أجابه الله سبحانه وتعالى


(١) روح البيان.
(٢) الشوكاني.
(٣) المراغي.