بقوله:{فَاصْفَحْ} يا محمد، وأعرض {عَنْهُمْ}؛ أي: عن هؤلاء المشركين؛ أي: أعرض عن دعوتهم، واقنط من إيمانهم، {وَقُلْ} لهم أمري وشأني {سَلَامٌ} منكم؛ أي: سلامتي منكم، وتبّر منكم ومن دينكم، ومتاركة لكم، ولا تجبهم بمثل ما يخاطبونك به من سيء الكلام، بل تألفهم، واصفح عنهم قولًا وفعلًا، فليس المأمور به السلام عليهم والتحية، بل البراءة كقول إبراهيم عليه السلام لأبيه:{سَلَامٌ عَلَيْكَ سَأَسْتَغْفِرُ لَكَ} وقوله: {سَلَامٌ عَلَيْكُمْ لَا نَبْتَغِي الْجَاهِلِينَ}، وقال قتادة: أمره بالصفح عنهم ثم أمره بقتالهم،. فصار الصفح منسوخًا بالسيف، وقيل: محكمة لم تنسخ {فَسَوْفَ يَعْلَمُونَ} عاقبة أمرهم وسوء كفرهم، فإنك ستنصر عليهم، ويحل بهم بأسنا الذي لا يرد وإن تأخر، ففيه تهديد شديد، ووعيد عظيم من الله عز وجل، وقد أنجز الله وعده، وأنفذ كلمته، وأعلى دينه، وشرع الجهاد والجلاد، فدخل الناس في دين الله أفواجًا، وانتشر الإسلام في مشارق الأرض ومغاربها، فله الحمد والمنة على إظهار الحق، وإعلاء مناره، وإزهاق الباطل، وكبح جماحه. وقرأ الجمهور (١): {يَعْلَمُونَ} بياء الغيبة مناسبًا قوله: {فَاصْفَحْ عَنْهُمْ}. وقرأ أبو جعفر والحسن والأعرج ونافع وهشام وابن عامر {تعلمون} بالفوقية.
{وَلَمَّا}: {الواو}: استئنافية {لما}: حرف شرط غير جازم. {ضُرِبَ ابْنُ مَرْيَمَ}: فعل مغير، ونائب فاعل، والجملة فعل شرط لـ {لمّا}، لا محل لها من الإعراب، {مَثَلًا}: مفعول ثان لـ {ضُرِبَ}؛ لأن {ضُرِبَ} ضمن معنى جعل، ويجوز أن يعرب حالًا؛ أي: ذكر ممثلًا به، {إذَا}: حرف فجأة رابطة جواب {لمّا} وجوبًا، {قَوْمُكَ} مبتدأ، {مِنْهُ}: متعلق بـ {يَصِدُّونَ}، وجملة