للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

محيصن وحميد، ومجاهد، وحفص بخلاف عنه بالسين الخالصة. وهو الأصل. ومن أبدلها صادًا فلأجل حرف الاستعلاء. وهو الطاء. وقرأ خلف عن حمزة، وخلاد عنه بخلاف عنه بصار مشمة زايًا. والمراد: أنه ليس الأمر كذلك بل الله هو المالك المتصرف الفعال لما يريد.

٣٨ - {أَمْ لَهُمْ}؛ آي: بل ألهم {سُلَّمٌ}؛ أي: مصعد ومرقى منصوب ممدود إلى السماء {يَسْتَمِعُونَ} خبر السماء، وكلام الملائكة، وما يوحى إلهم من علم الغيب حال كونهم صاعدين {فِيهِ}؛ أي (١): في ذلك السلم حتى يعلموا ما هو كائن من الأمور التي يتقولون فيها رجمًا بالغيب، ويعلقون بها أطماعهم الفارغة. وفي "كشف الأسرار": فيه، أي: عليه، كقوله: {فِي جُذُوعِ النَّخْلِ}؛ أي: عليها.

فإن كانوا يدعون ذلك {فَلْيَأْتِ مُسْتَمِعُهُمْ بِسُلْطَانٍ مُبِينٍ}؛ أي: فليأتوا بحجة تبين أنهم على الحق ما أتى محمد - صلى الله عليه وسلم - بالبرهان الدال على صدق قوله فيما جاءهم به من عند ربه.

٣٩ - وبعد أن رد على الذين أنكروا الألوهية بتاتًا .. ردَّ على من قالوا: الملائكة بنات الله. وسفه أحلامهم إذ اختاروا له البنات ولأنفسهم البنين، فقال: {أَمْ لَهُ} سبحانه وتعالى {الْبَنَاتُ وَلَكُمُ الْبَنُونَ}؛ أي: بل ألربكم البنات ولكم البنون {تِلْكَ إِذًا قِسْمَةٌ ضِيزَى}. وهذا (٢) إنكار عليهم، حيث جعلوا لله ما يكرهون، أو تسفيه لهم، وتركيك لعقولهم، وإيذان بأن من هذا رأيه لا يكاد يعد من العقلاء، فضلًا عن الترقي بروحه إلى عالم الملكوت، والتطلع على الأسرار الغيبية.

وذلك أن من جعل خالقه أدنى حالًا منه بأن جعل له ما لا يرضى لنفسه، كما قال تعالى: {وَإِذَا بُشِّرَ أَحَدُهُمْ بِالْأُنْثَى ظَلَّ وَجْهُهُ مُسْوَدًّا وَهُوَ كَظِيمٌ (٥٨)}. فإنه لم يستبعد منه أمثال تلك المقالات الحمقاء.

والالتفات إلى الخطاب لتشديد ما في {أَمْ} المنقطعة من الإنكار والتوبيخ. والمعنى؛ أي (٣): بل أيضيفون إلى الله سبحانه البنات، وهي أضعف الصنفين،


(١) روح البيان.
(٢) روح البيان.
(٣) الشوكاني.