للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

ومعبودة ومؤمنة وجاحدة، ما قدمت في حياتها الدنيا من عمل وما كان لكسبها في صفاتها من أثر، خير أو شر، بما ترى من الجزاء عليه، فهو ثمرة طبيعة له، لا شأن فيه لولي ولا شفيع ولا معبود ولا شريك. {رُدُّوا إِلَى اللَّهِ مَوْلَاهُمُ الْحَقِّ}؛ أي: وأرجعوا إلى الله الذي هو مولاهم الحق، دون ما اتخذوا من دونه بالباطل من الأولياء والشفعاء والأنداد والشركاء. وقد جاء هذا المعنى في آيات كثيرة، كقوله: {إِلَى اللَّهِ مَرْجِعُكُمْ} وقوله: {ثُمَّ إِلَى رَبِّكُمْ مَرْجِعُكُمْ} وقوله: {وَإِلَى اللَّهِ الْمَصِيرُ} {وَضَلَّ عَنْهُمْ}؛ أي: وضاع عنهم وغاب؛ أي: في الموقف {مَا كَانُوا يَفْتَرُونَ} عليه من الشفعاء والأولياء، فلم يجدوا أحدًا ينصرهم لا ينقذهم من هول ذلك الموقف، كما قال: {يَوْمَ لَا تَمْلِكُ نَفْسٌ لِنَفْسٍ شَيْئًا وَالْأَمْرُ يَوْمَئِذٍ لِلَّهِ (١٩)}. وقد تكرر هذا المعنى في آيات كثيرة منها: ما جاء مجملًا، ومنها: ما جاء مفصلًا:

فمنها: ما يسأل الله فيه العابدين.

ومنها: ما يسأل فيه المعبودين.

ومنها: ما عين فيه اسم الملائكة والجن والشياطين.

والحاصل: أن هؤلاء المشركين يرجعون في ذلك المقام إلى الحق ويعترفون به ويقرون ببطلان ما كانوا يعبدونه ويجعلونه إلهًا، ولكن حين لا ينفعهم ذلك.

٣١ - {قُلْ} يا محمَّد، لهؤلاء المعاندين من أهل مكة {مَنْ يَرْزُقُكُمْ مِنَ السَّمَاءِ} بما ينزله عليكم من الأمطار {و} يرزقكم من {الأرض} بما ينبته من نباتات شتَّى، من نجم وشجر تأكلون منه؛ أو تأكل أنعامكم، والاستفهام فيه للتقرير، وكذا فيما بعده؛ أي: من الذي يرزقكم منهما جميعًا، فإن الأرزاق تحصل بأسباب سماوية ومواد أرضية، أو من كل واحدة منهما، والمقصود من هذا القول، الاستدلال على حقية التوحيد، وبطلان ما هم عليه من الشرك، اهـ "أبو السعود". وهذه أسئلة ثمانية، جواب الخمسة الأولى منها: منهم، وجواب