للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

يقتضى الحيرة والدهش {تبلو} بالتاء (١)، فالباء على القراءة المشهورة؛ أي: تذوق {كُلُّ نَفْسٍ} سعيدة أو شقية {مَا أَسْلَفَتْ}؛ أي: جزاء ما قدمت من عمل، فتعلم نفعه، أو ضره.

وقرأ حمزة والكسائي وزيد بن علي: {تتلو} بتاءين؛ أي: تقرأ كل نفس في صحيفة أعمالها ما قدمت من خير أو شر، أو تتبع ما أسلفت؛ لأن عملها هو الذي يهديها إلى طريق الجنة، أو إلى طريق النار. وقرأ عاصم: {نبلو كل نفس} بالنون فالباء ونصب كل؛ أي: نختبر كل نفس بسبب اختبار ما أسلفت من العمل السيء؛ أي: نفعل بها فعل المختبر، أو المعنى: نصيب بالبلاء الذي هو العذاب كل نفس عاصية، بسبب ما أسلفت من الشر. وقوله: {وَرُدُّوا إِلَى اللَّهِ مَوْلَاهُمُ الْحَقِّ} معطوف على فزيلنا بينهم، والضمير فيه عائد إلى الذين أشركوا؛ أي: أعرض الذين أشركوا عن المولى الباطل، ورجعوا إلى المولى الحق؛ أي: الصادق الربوبية دون ما اتخذوه من المعبودات الباطلة، وأقروا بألوهيته ووحدانيته بعد أن كانوا في الدنيا يعبدون غيره، وردوا إلى حكمه؛ أي: ردوا إلى جزائه وما أعدَّ لهم من عقابه، ومولاهم ربهم والحق صفة له؛ أي: الصادق الربوبية دون ما اتخذوه من المعبودات الباطلة.

وقرأ يحيى بن وثاب (٢): {وردوا} بكسر الراء، لما سكن للإدغام .. نقل حركة الدال إلى الراء بعد سلب حركتها. وقرىء {الحق} بالنصب على المدح. نحو: الحمد لله أهل الحمد. {وَضَلَّ عَنْهُمْ}؛ أي: ضاع وغاب عنهم في الموقف، فلا ينافي قوله تعالى: {إِنَّكُمْ وَمَا تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ حَصَبُ جَهَنَّمَ} {مَا كَانُوا يَفْتَرُونَ}؛ أي: ما كانوا يدعون من أن معبوداتهم آلهة، وأنها تشفع لهم.

وحاصل معنى الآية (٣): أي في موقف الحساب تختبر كل نفس من عابدة


(١) المراح.
(٢) البحر المحيط.
(٣) المراغي.