للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

لاختار عمّه أبا طالب.

ويقال: سبعة أمور عامة، وسبعة في جنبها خاصة، الأمر عام والتوفيق خاص، والنهي عام والعصمة خاص، والدعوة عام والهداية خاص، والموت عام والبشارة خاص، والحشر يوم القيامة عام والسعادة خاص، وورود النار عام والنجاة منها خاص، والخلق عام والاختيار خاص؛ يعني: ليس كل من خلقه الله تعالى اختاره، بل خص منه قومًا، وكذا خلق أمورًا وأشياء فخصّ منها البعض ببعض الخواص.

ثم العجب أنّ مثل موسى عليه السلام يكون وسط قومه لا يهتدون به، وذلك لأنّ صاحب المُرة لا يجد حلاوة العسل، والضرير لا يرى الشمس، وليس ذلك إلا من سوء المِزاج وفساد الحال وفقدان الاستعداد.

٣٤ - ثم قال مؤمن آل فرعون موبّخًا لهم بأنهم ورثوا التكذيب بالرسل من آبائهم الأولين، وأسلافهم الغابرين {وَلَقَدْ جَاءَكُمْ}؛ أي: وعزة الله وجلاله لقد جاءكم يا أهل مصر {يُوسُفُ} بن يعقوب بن إسحاق بن إبراهيم الخليل عليهم السلام، وكان قد أقام فيهم نبيًا عشرين سنةً، وقيل: المراد بيوسف هنا: يوسف بن إفراثيم بن يوسف بن يعقوب، وحكى النقاش عن الضحاك: أن الله بعث إليهم رسولًا من الجن، يقال له: يوسف، والأول أولى.

أي: ولقد جاء أيها القبطيون آباءَكم الأقدمين يوسف بن يعقوب {مِنْ قَبْلُ}؛ أي: من قبل موسى {بِالْبَيِّنَاتِ}؛ أي: بالمعجزات الواضحة التي من جملتها تعبير الرؤيا وشهادة الطفل على براءة ذمته، وقد كان بعث إلى القبط قبل موسى بعد موت الملك، وكان فرعون موسى قد أدرك أيام يوسف بن يعقوب، فعاش إلى زمانه، وذلك لأنّ فرعون موسى قد عُمّر أكثر من أربع مئة سنة.

وكان (١) بين إبراهيم وموسى تسع مئة سنة على ما رواه ابن قتيبة في كتابه "المعارف"، فيجوز أن يكون بين يوسف وموسى مدة عمر فرعون تقريبًا، فيكون الخطاب لفرعون، وجُمع لأنّ المجيء إليه بمنزلة المجيء إلى قومه، وإلا فأهل


(١) روح البيان.