للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

أو في ضلال عن الحق، وجنون في الشرك.

والمعنى: أي إن المشركين بالله المكذبين لرسله في ضلال عن الصراط المستقيم، وعماية عن الهدى في الدنيا، وعذاب أليم في نار جهنم يوم القيامة.

٤٨ - ثم بين ما يلحقهم من الإهانة، والإذلال حينئذٍ , فقال: {يَوْمَ يُسْحَبُونَ} والظرف (١) منصوب إما بما يفهم من قوله {فِي ضَلَالٍ}؛ أي: كائنون في ضلال وسعر يوم يجرّون {فِي النَّارِ عَلَى وُجُوهِهِمْ}. وإما بقول مقدر بعده؛ أي: يوم يسحبون يقال لهم: {ذُوقُوا مَسَّ سَقَرَ}؛ أي: قاسوا حر سقر، وشدة ألمها، فإن مسها سبب للتألم بها، فمس سقر مجاز عن ألمها بعلاقة السببية، وفي "القاموس": {ذُوقُوا مَسَّ سَقَرَ} أي: أوَّل ما ينالكم منها، كقولك: وجد مسَّ الحمى؛ أي: ألمها، وحرارتها، انتهى. وسقر علم لجهنم، ولذلك لم يصرف. وقيل: اسم لطبقتها الخامسة. والمس كاللمس: إدراك الشيء بظاهر البشرة كما سيأتي.

وقرأ محبوب عن أبي عمرو (٢): {مسقر} بإدغام سين {مس} في سين {سقر}. قال ابن مجاهد إدغامه خطأ. لأنه مشدد، انتهى. والظن بأبي عمرو أنه لم يدغم حتى حذف إحدى السينين لاجتماع الأمثال، ثم أدغم.

والمعنى (٣): أي يعذبون، ويهانون يوم يجرون على وجوههم في النار. ويقال لهم إيلامًا، وتضيفًا: ذوقوا حر النار، وآلامها جزاء وفاقًا لتكذيبكم رسل ربكم في كل ما جاؤوا به من الإنذار بهذا اليوم، والتحذير مما يقع فيه للكافرين من العذاب، والتبشير بما للمتقين فيه من ثواب.

٤٩ - ثم بين أن كل ما يوجد في هذه الحياة .. فهو لا يحدث اتفاقًا، وإنما يحصل بقضاء الله سبحانه وقدره. فقال: {إِنَّا كُلَّ شَيْءٍ} من الأشياء. وهو منصوب بفعل مقدر يفسره ما بعده. {خَلَقْتَهُ} حال كون ذلك الشيء متلبسًا {بِقَدَرٍ} متعين، اقتضته الحكمة التي عليها يدور أمر التكوين. فقدر بمعنى القدير (٤).

وهو تسوية صورته، وشكله، وصفاته الظاهرة والباطنة على مقدار مخصوص


(١) روح البيان.
(٢) البحر المحيط.
(٣) المراغي.
(٤) روح البيان.