للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

التفسير وأوجه القراءة

٣٣ - {إِنَّ اللَّهَ} سبحانه وتعالى {اصْطَفَى} واختار {آدَمَ} أبا البشر عليه السلام بالإِسلام والنبوة، وعاش آدم في الأرض تسع مئة وستين سنة، وأما مدة إقامته في الجنة، فلا تحسب {و} اختار {نوحًا} الأصل الثاني للبشر، بالتوحيد والنبوة والرسالة، وجعله من أولي العزم، ولقب بنوح؛ لكثرة نوحه بالدعوة إلى الله تعالى. قيل: اسمه عبد الغفار، وهو نوح بن لامك بن متوشلخ بن أخنوخ، وهو إدريس عليه السلام، وعُمِّر ألف سنة إلا خمسين عامًا.

وقيل: اصطفاء آدم عليه السلام بوجوه منها: خلقه أول هذا الجنس الشريف، وجعله خليفة في الأرض، وإسجاد الملائكة له، وإسكانه جنته، إلى غير ذلك مما شرفه الله به.

واصطفاء نوح عليه السلام بأشياء منها: أنه أول رسول بُعث إلى أهل الأرض بتحريم البنات والأخوات والعمات والخالات وسائر المحارم، وأنه أبو الناس بعد آدم، إلى غير ذلك.

واصطفاء آل إبراهيم عليه السلام: بأن جعل فيهم النبوة والكتاب.

{و} اصطفى {آل إبراهيم}؛ أي: عشيرته وأقاربه، والمراد بهم: إسماعيل وإسحاق ويعقوب والأسباط والأنبياء من أولادهم، ومن جملتهم خاتم المرسلين سيدنا محمَّد - صلى الله عليه وسلم -، وقيل: المراد بـ {آل إبراهيم}: نفسه، فلفظ (آل) مُقحم؛ يعني: اختاره بالنبوة والرسالة والخلة، وعُمِّر إبراهيم مئة وسبعين سنة. {و} اصطفى {آل عمران}؛ أي: أهله، قيل: المراد بعمران هذا: هو عمران بن ماثان من ولد سليمان بن داود، وهو أبو مريم البتول أمِّ عيسى عليه السلام، والمراد بآله: عيسى، وأمه مريم، وقيل: عمران بن يصهر أبو موسى وهارون، والمراد بآله: موسى وهارون، ولكن الأرجح القولُ الأول بقرينة السياق، وبين العمرانين ألف وثمان مئة سنة، وقرأ عبد الله شذوذًا: {وآل محمَّد}. {عَلَى الْعَالَمِينَ}؛ أي: على عالمي زمانهم. قال القرطبي: وخص هؤلاء بالذكر من بين الأنبياء؛ لأن الأنبياء والرسل جميعًا من نسلهم، والمعنى: اختارهم واصطفاهم