للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

بذكر ثلاث قصص: قصة ولادة مريم، وقصة ولادة يحيى، وقصة ولادة عيسى.

وكلها خوارق للعادة تدل على قدرة العلي القدير.

وقال أبو حيان (١): مناسبة هذه الآيات لما قبلها: لما قدم قبل {قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ}، وأردفه بقوله: {قُلْ أَطِيعُوا اللَّهَ وَالرَّسُولَ}، وختمها بأنه لا يحب الكافرين .. ذكر المصطفين الذين يجب اتباعهم، فبدأ أولًا بأولهم وجودًا وأصلهم، وثنى بنوح عليه السلام؛ إذ هو آدم الأصغر، ليس أحد على وجه الأرض إلا من نسله، ثم أتى ثالثًا بآل إبراهيم، فاندرج فيهم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - المأمور باتباعه وطاعته، وموسى عليه السلام، ثم أتى رابعًا بآل عمران، فاندرج في آله مريم وعيسى عليهما السلام، ونص على إبراهيم لخصوصية اليهود بهم، وعلى آل عمران لخصوصية النصارى بهم، فذكر تعالى جعل هؤلاء صفوة؛ أي: مختارين نَقاوة (٢)، والمعنى: أنه نَقَّاهم من الكَدَر، وهذا من تمثيل المعقول بالمحسوس.

أسباب النزول

قال ابن عباس رضي الله عنهما (٣): قالت اليهود: نحن من أبناء إبراهيم إسحاق ويعقوب، ونحن على دينهم، فأنزل الله هذه الآية، والمعنى: إن الله اصطفى هؤلاء بالإِسلام، وأنتم يا معشر اليهود على غير دين الإِسلام.

وقيل (٤): نزلت في نصارى نجران لما غلوا في عيسى، وجعلوه ابن الله تعالى واتخذوه إلهًا .. نزلت ردًّا عليهم وإعلامًا أن عيسى من ذرية البشر المتنقلين في الأطوار المستحيلة على الإله، واستطرد من ذلك إلى ولادة أمه، ثم إلى ولادته هو.


(١) البحر المحيط.
(٢) نقاوة الشيء - بضم النون -: خياره ومختاره.
(٣) الخازن.
(٤) البحر المحيط.