للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

القاصر والحابس لها، لأفسدت الحرث والنسل، وأما التراب، فالخير والبركة كامن فيه، كلما أثير وقُلب ظهر خيره وبركته وثمرته. فأين أحدهما من الآخر، إلى آخر ما ذكره من الوجوه الكثيرة، التي تُدخض شبهه.

٧٧ - {قالَ} الله سبحانه وتعالى، بقهره وعزته {فَاخْرُجْ} الفاء فيه فاء الفصيحة؛ لأنها أفصحت عن جواب شرط مقدر، تقديره: إذا خالفت أمري وأبيت من السجود لآدم، وأردت بيان ما هو الجزاء لك .. فأقول لك: اخرج يا إبليس {مِنْها}؛ أي: من (١) الجنة، وقيل: من السماء، وقيل: من زمرة الملائكة، وهو المراد بالأمر بالهبوط، لا الهبوط من السماء، كما قال البيضاوي، فإن وسوسته لآدم، كانت بعد هذا الطرد، قال بعضهم: عظم جناية إبليس يقتضي هبوطه من السماء إلى الأرض، لا التوقف فيها إلى زمان الوسوسة. وأما أمر الوسوسة، فيجوز أن يكون بطريق الصعود إلى السماء؛ ابتلاء من الله تعالى، ودخوله الجنة، وهو في السماء، ليس بأهون من دخوله وهو في الأرض، إذ هو ممنوع من الدخول مطلقا، سواء كان في الأرض أو في السماء، إلا بطريق الامتحان.

وفي «الكرخي»: وقيل: اخرج (٢) من الخلقة التي كنت عليها أولًا، وانسلخ منها؛ لأنه كان يفتخر بخلقته، فغيّر الله خلقته، فاسود بعد ما كان أبيض، وقبح بعدما كان حسنًا، وأظلم بعدما كان نورانيًا، وفي «تحفة العارفين» ما نصه: وكان إبليس رئيسًا على اثني عشر ألف ملك، وكان له جناحان من زمرد أخضر، فلما طرد غيرت صورته، وجعله الله منكوسًا على مثال الخنازير: ووجهه كالقردة، وهو شيخ أعور كوسج، وفي لحيته سبع شعرات، مثل شعر الفرس، وعيناه مشقوقتان في طول وجهه، وأنيابه خارجة كأنياب الخنازير، ورأسه كرأس البعير، وصدره كسنام الجمل الكبير، وشفتاه كشفتي الثور، ومنخاراه مفتوحتان مثل: كوز الحجام، اهـ. ولكنها من الإسرائيليات التي لا أصل لها، وإنما نقلناها، لأنه أحق بهذه الصفات القبيحة.


(١) روح البيان.
(٢) الفتوحات.