للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

في أثناء القراءة، فتقديم الاستعاذة على القراءة لتذهب عنه الوسوسة أولى من تأخيرها عن وقت الحاجة إليها.

ومذهب عطاء أن الاستعاذة تجب عند قراءة القرآن سواء كانت في الصلاة أو في غيرها، لأن الأمر للوجوب واتفق سائر الفقهاء على أنَّ الاستعاذة سنةٌ في الصلاة وغيرها، وقد تقدمت هذه المسألة والخلاف في أوائل سورة الفاتحة.

والاستعاذة (١): الاعتصام باللهِ والالتجاء إليه من شر الشيطان ووسوسته، والمراد من الشيطان إبليس، وقيل: هو اسم جنس يطلق على جميع المَرَدةِ من الشياطين، لأن لهم قدرة على إلقاء الوسوسة في قلوب بني آدم بإقدار الله إيَّاهم على ذلك.

والمعنى (٢): إذا قصدت الشروع في قراءة القرآن .. فاسأل الله سبحانه وتعالى أن يعيذك فيها من وساوس الشيطان الرجيم، لئلا يلبس عليك قراءتك، ويمنعك من التدبر التفكر فيها، كما قال: {إِنَّ الَّذِينَ اتَّقَوْا إِذَا مَسَّهُمْ طَائِفٌ مِنَ الشَّيْطَانِ تَذَكَّرُوا فَإِذَا هُمْ مُبْصِرُونَ (٢٠١)} لماذا أمر النبي - صلى الله عليه وسلم - بالاستعاذة مع عصمته منه، فما بالك بسائر أمته.

ثم بين أن الناس فريقان:

٩٩ - فريق لا تسلط له عليهم، وهم الذين وصفهم الله تعالى بقوله: {إِنَّهُ}؛ أي: إن الشيطان أو الشأن {لَيْسَ لَهُ سُلْطَانٌ}؛ أي: تسلط وولاية {عَلَى الَّذِينَ آمَنُوا} بربهم، وصدقوا بوحدانيته وقدرته {وَعَلَى رَبِّهِمْ} لا على غيره {يَتَوَكَّلُونَ}، أي: يعتمدون، وإليه يفوضون أمورهم دينًا ودنيا؛ أي: إنه لا تسلط للشيطان على الذين يصدقون بلقاء الله تعالى، ويفوضون أمورهم إليه، وبه يعوذون، وإليه يلتجئون، فلا يقبلون ما يوسوس به، ولا يطيعونه فيما يريد منهم من اتباع خطواته، وعن سفيان الثوري أنه قال: ليس له سلطان على أن يحملهم على ذنب لا يغفر لهم، يريد أنهم أمروا بالاستعاذة منه ليحفظهم الله تعالى من


(١) الخازن.
(٢) المراغي.