للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

بحمده وثنائه {وَكُنْ مِنَ السَّاجِدِينَ}؛ أي: المصلين، فإنك إذا فعلت ذلك .. كشف الله همك، وأذهب غمك، وشرح صدرك،

٩٩ - ثم أَمره بعبادة ربه؛ أي: بالدوام عليها بقوله: {وَاعْبُدْ رَبَّكَ} إلى غاية هي قوله: {حَتَّى يَأْتِيَكَ الْيَقِينُ}؛ أي: الموت المتيقن، قال الزجاج: المعنى (١) اعبد ربك أبدًا؛ لأنه لو قيل اعبد ربك بغير توقيت .. لجاز إذا عبد الإنسان مرةً أن يكون مطيعًا، فإذا قال حتى يأتيك اليقين فقد أمره بالإقامة على العبادة أبدًا ما دام حيًّا، والمعنى (٢)؛ أي: إذا نزل بك الضيق ووجهت نفسك فافزع إلى ربك، ونزهه عما يقولون، حامدًا له على توفيقك للحق، وهدايتك إلى سبيل الرشاد، وصلِّ آناء الليل وأطراف النهار، فإن في مناجاة ربك ما يقربك إلى حضرة القدس، ويسمو نفسك إلى الملا الأعلى كما ورد في الحديث: "أقرب ما يكون العبد من ربه وهو ساجد"، ودم على ما أتت عليه، طالبًا المزيد من فضله، حتى يأتيك الموت، فهناك الجزاء بلا عملٍ، وهنا العمل ولا جزاء، وقصارى ذلك: أنه تعالى أرشده إلى كشف ما يجده في نفسه من الغم بفعل الطاعات، والإكثار من العبادات، وقد كان - صلى الله عليه وسلم - إذا حزبه أمر واشتدَّ عليه خطب .. فزع إلى الصلاة، روى أحمد عن ابن عمر أنه سمع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: "قال الله تعالى: يا ابن آدم لا تعجز عن أربع ركعات من أول النهار أكفك آخره " وفي هذه (٣) دلالة على أن العبادة كالصلاة ونحوها واجبة على المرء ما دام ثابت العقل، روى البخاري عن ابن عمران بن حصين أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "صلِّ قائمًا، فإن لم تستطع .. فقاعدًا، فإن لم تستطع .. فعلى جنب"، اللهم وفقنا لطاعتك، واهدنا لعبادتك، واجعلنا من المتقين الذين أنعمت عليهم غير المغضوب عليهم ولا الضالين.

الإعراب

{فَلَمَّا جَاءَ آلَ لُوطٍ الْمُرْسَلُونَ (٦١) قَالَ إِنَّكُمْ قَوْمٌ مُنْكَرُونَ (٦٢)}.


(١) الشوكاني.
(٢) المراغي.
(٣) المراغي.