الاحتظار. وهو ما تفتت حالة الاحتظار والبناء للحظيرة، والحظيرة تصنعها العرب، وأهل البوادي للمواشي، والسكنى من الأغصان، والشجر المورق، والقصب، والحظر: المنع. وعن ابن عباس، وقتادة: أنَّ المحتظر هو المحترق. قال قتادة: كهثسيمٍ. محترقٍ. وعن ابن جبير: هو التراب الذي يسقط من الحائط البالي. وقيل: المحتظَر بفتح الظاء: هو الهشيم نفسه. فيكون من إضافة الموصوف إلى صفته كمسجد الجامع عند من تأوله كذلك.
٣٢ - {وَلَقَدْ يَسَّرْنَا الْقُرْآنَ} وسهلناه لفظًا ومعنى {لِلذِّكْر} أي: لتذكير من تذكر به {فَهَلْ مِنْ مُدَّكِرٍ}؛ أي: متعظ يتعظ به. وقد سبق تفسير هذا في هذه السورة غير مرة، فلتراجعه.
قصص قوم لوط
٣٣ - ثم أخبر سبحانه عن قوم لوط بأنهم كذبوا رسل الله، كما كذبهم غيرهم فقال: {كَذَّبَتْ قَوْمُ لُوطٍ بِالنُّذُرِ (٣٣)}؛ أي: بالإنذارات أو بالمنذرين، كما سبق.
٣٤ - ثم أعقبه بذكر جزائهم على هذا التكذيب، ونجاة عن آمن منهم فقال:{إِنَّا أَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ حَاصِبًا}؛ أي: ريحًا تحصبهم؛ أي: ترميهم بالحصباء. وهي حجارة دون ملء الكف. فالحصب: الرمي بالحصى الصغار، ومنه: المحصب موضع بمكة، والحاصب: اسم فاعل بمعنى رامي الحصباء. وتذكيره مع إسناده إلى ضمير الريح وهي مؤنث مجازي لتأويلها بالعذاب.
يقول الفقير (١): لعل حكمة تعذيبهم بالحجارة؛ لأنهم حجروا ومنعوا من اللواطة، فلم يمتنعوا، بل رموا نطفهم إلى غير محل الحرث، فرماهم الله تعالى بالحجر، ومن ثم ذهب أحمد ابن حنبل رحمه الله تعالى إلى أنَّ حكم اللوطي أن يرجم, وإن كان غير محصن. وأيضًا أنهم يجلسون في مجالسهم، وعند كل رجل منهم قصعة فيها حصًى, فإذا مرَّ بهم عابر سبيل حذفوه، فأيهم أصابه كان أولى به، وأمَّا الريح؛ فلأنهم كانوا يضرطون في مجالسهم علانية، ولا يتحاشون، وأما انقلاب قراهم؛ فلأنهم كانوا يقلبون المرد عند اللواطة، فجازاهم الله بحسب
(١) قال مُعِدُّ الكتاب للشاملة: هذا كلام صاحب (روح البيان)، وقد وقع خلل طباعي في عزو الحواشي وأصلحناه