طبقات النار المحيطة بهم، وكون بعضها فوق بعض. ونظير هذه الآية قوله {لَهُمْ مِنْ جَهَنَّمَ مِهَادٌ وَمِنْ فَوْقِهِمْ غَوَاشٍ}.
٢ - {يُصَبُّ} ويراق {مِنْ فَوْقِ رُءُوسِهِمُ الْحَمِيمُ}؛ أي: الماء الحار الذي انتهت حرارته، لو قطرت قطرة منه على جبال الدنيا لأذابتها.
٢٠ - {يُصْهَرُ بِهِ}؛ أي: يذاب بذلك الحميم من فرط الحرارة. {مَا فِي بُطُونِهِمْ} من الأمعاء والأحشاء {وَالْجُلُودُ}؛ أي: وتشوى جلودهم فتتساقط فهو معطوف على {ما}؛ أي: يصهر به الجلود، وتأخيره عنه لمراعاة الفواصل؛ أي: إذا صب الحميم على رؤوسهم يؤثر، من فرط حرارته في باطنهم، نحو تأثيره في ظاهرهم، فيذاب به أحشاؤم، كما يذاب به جلودهم، ثم يعاد كما كان، فله أثر في الظاهر والباطن وقرأ الحسن وفرقة:{يُصْهَرُ} بفتح الصاد وتشديد الهاء، ذكره في "البحر".
٣ - ٢١ {وَلَهُمْ}؛ أي: وللكفرة؛ أي: ولتعذيبهم وجلدهم {مَقَامِعُ مِنْ حَدِيدٍ}؛ أي: سياط من حديد، تضرب بها رؤوسهم ووجوههم. جمع مقمعة، وهي آلة القمع. وفي الحديث "لو وضعت مقمعة منها في الأرض، فاجتمع عليها الثقلان ما أقلوها منها"؛ أي: رفعوها.
أي: يقمعون ويجلدون بها، ويردون إلى النار ردًّا عنيفًا إذا أرادوا الهرب منها،
٢٢ - وإلى هذا أشار بقوله:{كُلَّمَا أَرَادُوا} وحاولوا {أَنْ يَخْرُجُوا} وأشرفوا على الخروج {مِنْهَا}؛ أي: من النار ودنوا إلى الخروج. وقوله:{مِنْ غَمٍّ} بدل اشتمال من ضمير منها، أعيد معه الجار وحذف الرابط لفهم المعنى؛ أي: من غمها؛ أي: من غم شديد من غمومها. {أُعِيدُوا فِيهَا}، أي: في قعرها بأن ردوا من أعلاها إلى أسفلها، من غير أن يخرجوا منها. {و} قيل لهم {ذُوقُوا عَذَابَ الْحَرِيقِ}؛ أي: باشروا العذاب المحرق وذوقوا ألمه. والذوق مماسة يحصل معها إدراك الطعم، وهو هنا مجاز عن إدراك الألم. وروي "أنها تضربهم بلهبها فترفعهم، حتى إذا كانوا في أعلاها، ضربوا بالمقامع، فهووا فيها سبعين خريفًا". وهو من ذكر البعض وإرادة الكل، إذا الخريف آخر الفصول الأربعة.