للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

والتقوى: هي امتثال المأمورات، واجتناب المنهيات، وقال بعضهم: التقوى: كل عمل يقيك من النار، وإذا وقاك من النار .. وقاك من الحجاب، وإذا وقاك من الحجاب .. شاهدت العزيز الوهّاب.

٤ - {إِنَّ الَّذِينَ يُنَادُونَكَ} ويدعونك يا محمد {مِنْ وَرَاءِ الْحُجُرَاتِ}؛ أي (١): من خارج حجرات نسائك من خلفها أو قدّامها؛ لأنّ وراء الحجرة عبارة عن الجهة التي يواريها شخص الحجرة بجهتها من أيّ ناحية كانت من نواحيها, ولا بدّ أن تكون تلك الجهة خارج الحجرة؛ لأن ما في دخلها لا يتوارى عمن فيها بجثة الحجرة، فاشتراك الوراء في تينك الجهتين معنوي لا لفظي، لكن جعله الجوهري وغيره من الأضداد، فيكون اشتراكه لفظيًّا، و {مِنْ}: ابتدائية دالة على أن المناداة نشأت من جهة الوراء، وأن المنادى داخل الحجرة؛ لوجوب اختلاف المبدأ والمنتهى بحسب الجهة، ولو جرِّد الكلام عن حرف الابتداء .. جاز أن يكون المنادى أيضًا في الخارج؛ لانتفاء مقتضى اختلافهما بالجهة.

والمراد: حجرات أمّهات المؤمنين، وكانت لكل واحد منهنّ حجرة، فتكون تسعًا عددهنّ.

وقرأ الجمهور (٢): {الْحُجُرَاتِ} بضم الجيم إتباعًا للضمّة قبلها، وقرأ أبو جعفر وشيبة: بفتحها، وابن أبي عبلة: بإسكانها ثلاثتها جمع حجرة: كغرفات جمع غرفة، وظلمات جمع ظلمة، وقبضات جمع قبضة بمعنى محجورة كقبضة بمعنى مقبوضة، وهي الموضع الذي يحجره الإنسان لنفسه بحائط ونحوه، ويمنع غيره من أن يشاركه فيه من الحجر، وهو المنع، وقيل للعقل: حجر لكون الإنسان في منع منه ممّا تدعو إليه نفسه.

ومناداتهم من ورائها: إما بأنّهم أتوها حجرة حجرة، فنادوه عليه السلام من ورائها، أو بأنهم تفرّقرا على الحجرات متطلّبين له - صلى الله عليه وسلم -؛ لأنّهم لم يتحقّقوا مكانه،


(١) روح البيان.
(٢) البحر المحيط.