للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

الأوقات المذكورة. وفي الحديث: "مروهم بالصلاة وهم أبناء سبع، واضربوهم على تركلها وهم أبناء عشر". وإنما يؤمر بذلك ليعتاده، ويسهل عليه بعد البلوغ، ولذا كره إلباسه ذهبًا أو حريرًا لئلا يعتاده، والإثم على الملبس، كما في "القهستاني".

وقال ابن مسعود - رضي الله عنه - إذا بلغ الصبي عشر سنين، كتبت له حسناته، ولم تكتب سيئاته، حتى يحتلم. قال في الأشباه، وتصح عبادة الصبي، وإن لم تجب عليه، واختلفوا في ثوابها. والمعتمد أنه له، وللمعلم ثواب التعليم. وكذا جميع حسناته، وليس كالبالغ في النظر إلى الأجنبية، والخلوة بها. فيجوز له الدخول على النساء إلى خمس عشرة سنة. كما في "الملتقط"، فإن قلت: كيف أمر الله تعالى بالاستئذان لهم، مع أنهم غير مكلفين؟ قلت: الأمر في الحقيقة لأوليائهم ليؤدبوهم. كذا في "فتح الرحمن".

٥٩ - ولما بين الله سبحانه حكم الأرقاء والصبيان، الذين هم أطوع للأمر، وأقبل لكل خير .. أتبعه بحكم البالغين الأحرار بقوله: {وَإِذَا بَلَغَ الْأَطْفَالُ} الأحرار الأجانب (١)، فخرج العبد البالغ، فإنه لا يستأذن في الدخول على سيدته في غير الأوقات الثلاثة المذكورة كما قال في التتمة: يدخل العبد على سيدته بلا إذنها بالإجماع. {مِنْكُمُ} أيها المؤمنون {الْحُلُمَ}؛ أي: سن الاحتلام والبلوغ. {فَلْيَسْتَأْذِنُوا} أي: فليطلبوا الإذن في الدخول عليكم إن أرادوا الدخول. {كَمَا اسْتَأْذَنَ الَّذِينَ} بلغوا الحلم {مِنْ قَبْلِهِمْ}؛ أي: كما يستأذن الذين ذكروا من قبلهم في قوله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَدْخُلُوا بُيُوتًا غَيْرَ بُيُوتِكُمْ حَتَّى تَسْتَأْنِسُوا} الآية. فالمعنى: فليستأذنوا استئذانًا كائنًا مثل استئذان المذكورين قبلهم، بأن يستأذنوا في جميع الأوقات، ويرجعوا إن قيل لهم: ارجعوا.

والمعنى: إن (٢) هؤلاء الذين بلغوا الحلم، يستأذنون في جميع الأوقات، في أوقات العورات الثلاث وفي غيرها. كما استأذن الذين من قبلهم من الكبار،


(١) روح البيان.
(٢) الشوكاني.