للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

عنه، وقيل: يصرف عنه من صرف في علم الله وقضائه، إذ لا صرف أفظع منه وأشد، فكأنه لا صرف بالنسبة إليه.

قيل (١): هذا مدح للمؤمنين؛ أي: يصرف عن القول المختلف من صرف عن ذلك القول، ورشد إلى القول المستوي، وهيل: إنّ هذا ذم؛ أي: يصرف عن الإيمان بمحمد - صلى الله عليه وسلم -، والقرآن، والحشر من قد صرف عن الهدى، وهو الوليد بن المغيرة وأبو جهل بن هشام وأبي بن خلف وأمية بن خلف ومنبه ونبيه.

وقرأ ابن جبير وقتادة (٢): {مَنْ أُفِكَ} مبنيًا للفاعل؛ أي: من أفك الناس عنه، وهم قريش كانوا يصدون الناس عن الإيمان، وقرأ زيد بن علي {يَأْفَكُ عنه من أُفِكَ} ببناء الأول للفاعل، والثاني للمفعول؛ أي: يصرف الناس عنه من هو مأفوك في نفسه، وعنه أيضًا: {يَأْفَكُ عنه مَنْ أَفَكَ} بالبناء للفاعل فيهما؛ أي: يصرف الناس عنه من هو أفَّاكٌ كذَّابٌ، وقرىء: {يُؤْفَنُ عنه من أَفِنُ} بالنون فيهما، أي: يحرم عنه من حرم، من أفن الضرع: إذا نهكه حلبًا.

والمعنى (٣): أي والسماء ذات الجمال والبهاء والحسن والاستواء، إنكم أيّها المشركون المكذبون للرسول - صلى الله عليه وسلم - لفي قول مختلف مضطرب، لا يلتئم، ولا يجتمع، ولا يروج إلا على من هو ضال في نفسه؛ لأنّه قول باطل، يصرف بسببه من صرف عن الإيمان برسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وبما جاء به.

والخلاصة: قسمًا بالسماء وزينتها، وجمالها، إنَّ أمركم في شأن محمد، وكتابه لعجب عاجب، فهو متناقض مضطرب، فحينًا تقولون: هو شاعر، وحينًا آخر تقولون: هو ساحر، ومرّةً ثالثة تقولون: هو مجنون، وحينًا تقولون عن القرآن: إنه سحر، وحينًا: إنه شعر، وحينًا: إنه كهانة.

١٠ - {قُتِلَ الْخَرَّاصُونَ}؛ أي: لعن وطرد عن رحمة الله الكذّابون من أصحاب


(١) المراح.
(٢) البحر المحيط.
(٣) المراغي.