للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

المساء {وَحِينَ تُصْبِحُونَ} وتدخلون في الصباح، والإمساء: الدخول في المساء، كما أن الإصباح: الدخول في الصباح، كما سيأتي في مبحث اللغة.

والمعنى: وسبحوه تعالى وقت دخولكم في المساء، وساعة دخولكم في الصباح،

١٨ - وجملة قوله: {وَلَهُ} سبحانه وتعالى {الْحَمْدُ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ} لا لغيره، يحمده خاصةً أهل السماوات والأرض، ويثنون عليه (١)، معترضة مسوقة للإرشاد إلى الحمد، والإيذان بمشروعية الجمع بينه وبين التسبيح، كما في قوله: {فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ} وقوله: {وَنَحْنُ نُسَبِّحُ بِحَمْدِكَ}.

وفيه لطيفة: وهو أن الله تعالى، لا أمر العباد بالتسبيح .. كأنه بين لهم أن تسبيحم الله سبحانه لنفعهم، لا لنفع يعود على الله تعالى، فعليهم أن يحمدوا الله إذا سبحوه، لأجل نعمة هدايتهم إلى التوفيق اهـ. "رازي".

والمعنى: احمدوه على نعمهِ العظام في الأوقات كلها، فإن الإخبار بثبوت الحمد له تعالى، ووجوبه على أهل التمييز، من خلق السماوات والأرض في معنى الأمر على أبلغ وجه، وتقديم التسبيح على التحميد؛ لأن التخلية بالمعجمة، مقدمة على التحلية بالمهملة، كشرب المسهل مقدم على شرب المصلح، وكالأساس مقدم على الحيطان، وما يبنى عليها من النقوش، والجار والمجرور في قوله: {فِي السَّمَاوَاتِ} متعلق بنفس الحمد.

وقوله: {وَعَشِيًّا} أي: آخر النهار، معطوف على {حِينَ تُمْسُونَ}؛ أي: وسبحوه وقت العشي، وتقديمه على قوله: {وَحِينَ تُصْبِحُونَ}؛ أي: تدخلون في الظهيرة التي هي وصط النار، لمراعاة الفواصل، وتغيير الأسلوب؛ لأنه لا يجيء منه الفعل بمعنى الدخول في العشي، كالمساء والصباح والظهيرة.

وإنما خص (٢) بعض الأوقات بالأمر بالتسبيح؛ لأن الإنسان لا يمكنه أن يصرف جميع أوقاته إلى التسبيح، لكونه محتاجًا إلى تحصيل مأكول ومشروب


(١) روح البيان.
(٢) المراح.