للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

متعلق بـ {سبح}؛ أي: سبح في هذه الأوقات، رجاء أن تنال عنده تعالى ما ترضى به نفسك من الثواب، ويسر به قلبك، وقرأ الجمهور {تَرْضَى} بفتح التاء بالبناء للفاعل، وقرأ أبو حيوة، وطلحة، والكسائي، وأبو بكر، وأبان، وعصمة، وأبو عمارة عن حفص، وأبو زيد عن المفضل، وأبو عبيد، ومحمد بن عيسى الأصبهاني: {ترضى} بضم التاء بالبناء للمفعول؛ أي: لعلك تُعطى ما يُرضيك.

١٣١ - ولما صبَّر رسوله على ما يقولون، وأمره بالتسبيح .. أتبع ذلك بنهيه عن مد عينيه إلى ما متعوا به من زينة الدنيا فقال: {لَا تَمُدَّنَّ عَيْنَيْكَ}؛ أي: لا تُطل (١) نظرهما بطريق الرغبة والميل، استحسانًا للمنظور إليه، وإعجابًا به، وتمنيًا أن لك مثله {إِلَى مَا مَتَّعْنَا بِهِ}؛ أي: إلى ما أعطينا به عن خارف الدنيا {أَزْوَاجًا مِنْهُمْ}؛ أي: أصنافًا من الكفرة، كالوثنيّ، والكتابيّ من اليهود والنصارى، بني قريظة والنضير، وهو مفعول {مَتَّعْنَا} حالة كون ما متعناهم به {زَهْرَةَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا} وزينتها وبهجتها ونضارتها وحسنها، قال الواسطي: هذه تسلية للفقراء، وتعزية لهم، حيث منع خير الخلق من النظر إلى الدنيا على وجه الاستحسان.

وقرأ الجمهور (٢): {زَهْرَةَ} بسكون الهاء، وقرأ الحسن، وأبو البرهشيم، وأبو حيوة، وطلحة، وحُميد، وسلَّام، ويعقوب، وسهل، وعيسى، والزهري: بفتحها والزَّهرة والزُّهرة: بمعنى واحد، كالجَهرة والجُهرة، وأجاز الزمخشري في {زَهْرَةَ} المفتوح الهاء أن يكون جمع زاهر، نحو كافر وكفرة، وصفهم بأنهم زاهر. واللام في قوله: {لِنَفْتِنَهُمْ فِيهِ} متعلق بـ {متعنا}؛ أي: لا تلتفت بعينيك إلى ما متعنا لهم به لنفتنهم به؛ أي: لنجعل ذلك المتاع فتنةً وضلالة لهم، ابتلاءً منا لهم، أو (٣) لنعاملهم فيما أعطيناهم معاملة من نبتليهم حتى يستوجبوا العذاب، بأن يزيد لهم النعمة فيزيدوا كفرًا وطغيانًا، فلا بد من التنفير عنه، فإنه عند الامتحان يكرم الرجل أو يهان، أو لنعذبهم بسببه، وقرأ الأصمعي عن نافع


(١) روح البيان.
(٢) البحر المحيط.
(٣) روح البيان.