والمعنى (١): وإن أعرضوا عما دعوا إليه من التوبة، وأصروا على النفاق، وما ينشأ منه من المساوي الخلقية والنفسية .. يعذبهم الله عذابًا أليمًا في الدنيا، بما يلازم قلوبهم من الخوف والهلع، كما قاله سبحانه:{لَوْ يَجِدُونَ مَلْجَأً أَوْ مَغَارَاتٍ أَوْ مُدَّخَلًا لَوَلَّوْا إِلَيْهِ وَهُمْ يَجْمَحُونَ} وقال: {يَحْسَبُونَ كُلَّ صَيْحَةٍ عَلَيْهِمْ} فهم في جزع دائم، وهمّ ملازم.
وأما في الآخرة: فحسبك ما تقدم من وعيدهم بتلك النار، التي تطلع على الأفئدة {وَمَا لَهُمْ فِي الْأَرْضِ} مع سعتها وتباعد أقطارها وكثرة أهلها {مِنْ وَلِيٍّ}؛ أي: من حافظ يحفظهم من عذاب الدنيا {وَلَا نَصِير} ينقذهم من عذاب الآخرة.
أي: وما لهم في الأرض كلها من يتولى أمورهم، ولا من ينصرهم ويدافع عنهم، إذ من خذله الله فلا يقدر أحد أن يجيره، أما في الدنيا: فقد أغلقت في وجوههم الأبواب، فقد خص الله ولاية الأخوة والمودة والنصر بالمؤمنين والمؤمنات، دون المنافقين والمنافقات، وقد قضى الإِسلام على جوار الجاهلية، وعلى أحلافهم من أهل الكتاب في الحجاز بالقتل والجلاء، وأما في الآخرة: فقد تظاهرت النصوص، على أنه لا ولي ولا ظهير للكفار والمنافقين
٧٥ - {وَمِنْهُم}؛ أي: ومن المنافقين {مَّنْ عَهَدَ أللهَ}؛ أي: من أعطى الله سبحانه وتعالى عهده وميثاقه، بقوله: والله {لَئِنْ آتَانَا} الله سبحانه وتعالى، وأعطانا {مِنْ فَضْلِهِ} وجوده وكرمه وعطائه مالًا وثروةً، وأغنانا عن غيرنا {لَنَصَّدَّقَنَّ}؛ أي: لنشكرن له نعمته بالصدقة منها، {وَلَنَكُونَنَّ مِنَ} جملة {الصَّالِحِينَ} من المؤمنين، القائمين بواجبات الدين، التاركين لمحرماته، والصالح ضد المفسد، والمفسد هو الذي بخل بما يلزمه في حكم الشرع؛ أي: ولنعملن عمل أهل الصلاح بأموالنا من صلة الرحم به، والإنفاق في سبيل الله، كإعداد العدة للجهاد، وبذل المستطاع لخير الأمة وصلاحها، بما يرقى بها في اختلف شؤونها، وقرأ الأعمش شاذًا: