للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

وأخرج أحمد والبخاري في "الأدب" ومسلم والبيهقي، عن جابر بن عبد الله: أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "اتقوا الظلم، فإن الظلم ظلمات يوم القيامة، واتقوا الشح؛ فإن الشح قد أهلك من كان قبلكم، حملهم على أن سفكوا دماءهم واستحلوا محارمهم".

وروى الأموي عن ابن مسعود: (أن رجلًا أتاه، قال: إني أخاف أن أكون قد هلكت، قال: وما ذاك؟ قال: سمعت الله يقول: {وَمَنْ يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ} وأنا رجل شحيح، لا أكاد أخرج من يدي شيئًا، فقال ابن مسعود: ليس ذاك الذي ذكر الله تعالى، وإنما الشح: أن تأكل مال أخيك ظلمًا، ولكن ذلك البخل، وبئس الشيء البخل). ففرق بين الشح والبخل.

وليس المراد من تقوى الشح الجودُ بكل ما يملك؛ فقد روى أنس بن مالك: أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "برىء من الشح من أدى الزكاة، وقَرَى الضيف، وأعطى في النائبة".

١٠ - ثم لما فرغ سبحانه من الثناء على المهاجرين والأنصار .. ذكر ما ينبغي أن يقوله من جاء بعدهم، فقال: {وَالَّذِينَ جَاءُوا مِنْ بَعْدِهِمْ}؛ أي: من بعد هجرة المهاجرين الأولين، ومن بعد قوة إيمان الأنصار، وهم: التابعون لهم بإحسان إلى يوم القيامة. وقيل: هم الذين هاجروا بعدما قوي الإِسلام. والظاهر: شمول الآية لمن جاء بعد السابقين من الصحابة المتأخر إسلامهم في عصر النبوة، ومن تبعهم من المسلمين بعد عصر النبوة إلى يوم القيامة؛ لأنه يصدق على الكل أنهم جاؤوا بعد المهاجرين الأولين والأنصار. والموصول (١) مبتدأ، وخبره {يَقُولُونَ}، والجملة مسوقة لمدحهم بمحبتهم لمن تقدمهم من المؤمنين، ومراعاتهم لحقوق الأخوة في الدين والسبق بالإيمان ويجوز أن يكون الموصول معطوفًا على قوله: {وَالَّذِينَ تَبَوَّءُوا الدَّارَ وَالْإِيمَانَ} فيكون {يَقُولُونَ} في محل النصب على الحال، أو مستأنف. والمراد بالأخوة هنا: أخوة الدين، أمرهم الله أن يستغفروا لأنفسهم ولمن تقدمهم من المهاجرين والأنصار.


(١) روح البيان.