وقرأ الجمهور {تُتْلَى} بالتاء وقرأ الحسن والأعمش شذوذًا: (يتلى) بالياء؛ لأجل الفصل ولأن التأنيث غير حقيقي؛ ولأن الآيات هي القرآن.
{وَمَنْ يَعْتَصِمْ بِاللَّهِ}؛ أي: ومن يستمسك بدين الله وكتابه، وهو القرآن وبرسوله محمَّد - صلى الله عليه وسلم -؛ ويحتفظ به عن الوقوع في الهلاك الأبدي {فَقَدْ هُدِيَ} وأرشد {إِلَى صِرَاطٍ} وطريق {مُسْتَقِيمٍ}، أي: مستو قويم موصل إلى الجنة، وهو طريق دين الإسلام.
وقيل المعنى (١): ومن يجعل ربه ملجأً ومفزعًا عند الشبه .. يحفظه عن الشبه.
وعن زيد بن أرقم رضي الله عنه قال: قام رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يوما فينا خطيبًا بماء يدعى خما بين مكة والمدينة، فحمد الله، وأثنى عليه، ووعظ الناس، وذكر، ثم قال: أما بعد: "ألا أيها الناس: إنما أنا بشر مثلكم، يوشك أن يأتيني رسول ربي فأجيب، وإني تارك فيكم ثقلين؛ أولهما كتاب الله، فيه الهدى والنور، فخذوا بكتاب الله، واستمسكوا به، فحث على كتاب الله، ورغب فيه، ثم قال: وأهل بيتي، أذكركم الله في أهل بيتي، أذكركم الله في أهل بيتي". أخرجه مسلم.
١٠٢ - {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ} مناسبة هذه الآية لما قبلها: لما بين الله سبحانه وتعالى ضلال الكفار في أنفسهم، وإضلالهم لغيرهم .. شرع في بيان تكميل المؤمنين لأنفسهم بهذه الآية، ولغيرهم بقوله:{وَلْتَكُنْ مِنْكُمْ أُمَّةٌ} الخ؛ أي: يا أيها الذين صدقوا بما جاء به محمَّد - صلى الله عليه وسلم - اتقوا الله، وخافوه {حَقَّ تُقَاتِهِ}؛ أي: نهاية تقواه وكاملها، وأبلغها، وأدومها، وهو استفراغ الوسع في القيام بالواجبات، والاجتناب عن المحرمات كقوله:{فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ}. وعن ابن مسعود رضي الله عنه: هو أن يطاع فلا يعصى، ويشكر فلا يكفر، ويذكر فلا ينسى، والذي يصدر عن العبد على سبيل السهو والنسيان، غير قادح فيه؛ لأن التكليف في تلك الحال مرفوع عنه. وقيل: هو أن ينزه الطاعة عن