وتنتفع أنوفكم بشم رياحينهما. وعن أبي أيوب الأنصاري قال: سألت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن قوله تعالى: {مُدْهَامَّتَانِ (٦٤)}. قال: خضراوان، أخرجه الطبري، وابن مردويه.
قال الفقهاء: إذا قرأ في الصلاة آية واحدة هي كلمة واحدة، نحو قوله: {مُدْهَامَّتَانِ (٦٤)} أو حرف واحد نحو {ق} و {ص} و {ن}. فإن كل حرف منها آية عند البعض. فالأصح أنه لا يجزىء عن فرض القراءة. لأنه لا يسمى قارئًا؛ لأن القراءة ضم الحروف والكلمات بعضها إلى بعض في الترتيل.
٦٦ - {فِيهِمَا}؛ أي: في هاتين الجنتين {عَيْنَانِ نَضَّاخَتَانِ}؛ أي: فوارتان بالماء، لا تنقطعان. من نضحه كمنعه رشه، ونضح الماء اشتد فورانه من ينبوعه.
قال الحسن، ومجاهد: تنضخ على أولياء الله بالمسك، والعنبر، والكافور في دور أهل الجنة، كما ينضح رش المطر. وهذا يدل أيضًا على فضل الأوليين على الأخرين. لأنه تعالى قال في الأوليين:{عَيْنَانِ تَجْرِيَانِ}، وفي الأخريين {نَضَّاخَتَانِ}. والنضخ دون الجري؛ لأن النضخ هو الفوران، وهو يتحقق بأن يكون الماء بحيث لو أخذ منه شيء فار آخر مكانه. ولا يكفي هذا القدر في جريانه. فلا شك أن الجري أبلغ منه، قال ابن عباس رضي الله عنهما: نضَّاختان بالمسك والعنبر. وقال الكلبي: بالخير والبركة.
٦٧ - {فَبِأَيِّ آلَاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ (٦٧)} فإنها ليست بموضع للتكذيب، ولا بمكان لجحد، حيث يحصل لكم الريُّ من شراب تينك العينين.
٦٨ - {فِيهِمَا}؛ أي: في هاتين الجنتين {فَاكِهَةٌ وَنَخْلٌ وَرُمَّانٌ} عطف الأخيرين على الفاكهة، كعطف جبريل، وميكائيل على الملائكة بيانًا لفضلهما. فإن ثمرة النخل فاكهة وغذاء، والرمان فاكهة ودواء، ولأنهما يوجدان في الخريف والشتاء، ولأنهما فاكهة وإدام. فيحنث بأكل أحدهما من حلف لا يأكل فاكهة، كما قاله الشافعي، وأكثر العلماء خلافًا لأبي حنيفة رحمه الله. يعني: بحسب (١) حال الدنيا، وإلّا فالكل في الجنة للتفكه. والرمان من الأشجار، هي التي لا تقوى إلا بالبلاد الحارة، وأجوده الكبار الحلو، وهو حار رطب يلين الصدر والحلق، ويجلو المعدة، وينفع من الخفقان، ويزيد في الباءة. وقشره تهرب منه الهوام.