للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

فيهم بحال

١٠٢ - {وَما وَجَدْنا لِأَكْثَرِهِمْ مِنْ عَهْدٍ}؛ أي: وما وجدنا (١) لأكثر الأمم الخالية والقرون الماضية، الذين قصصنا خبرهم عليك يا محمد - من وفاء بالعهد الذي عهدنا إليهم، وأوصيناهم به يوم أخذ الميثاق - قال ابن عباس: إنّما أهلك الله أهل القرى .. لأنهم لم يكونوا حفظوا ما وصاهم به؛ أي: وما وجدنا (٢) لأكثر أولئك الأقوام عهدا يفون به، سواء أكان عهد الفطرة التي فطر الله الناس عليها، إذ قد فطر الله أنفس البشر على الشعور بسلطان غيبي فوق جميع القوى، وعلى إيثار الحسن، واجتناب غيره، وعلى حب الكمال، وكراهة النقص، أم كان العهد الذي أخذه ربهم عليهم - وهم في الأصلاب - أنه ربهم ومليكهم، وأنّه لا إله إلا هو، وأقروا بذلك، وشهدوا على أنفسهم به، وخالفوه وتركوه وراء ظهورهم، وعبدوا معه غيره، بلا دليل ولا حجة من عقل ولا شرع، وقد جاء في «صحيح مسلم»: «يقول الله: إنّي خلقت عبادي حنفاء، فجاءتهم الشياطين، فاجتالتهم عن دينهم، وحرمت عليهم ما أحللت لهم» وفي «الصحيحين»: «كل مولود يولد على الفطرة، فأبواه يهودانه أو ينصرانه أو يمجسانه» ..

{وَإِنْ وَجَدْنا أَكْثَرَهُمْ لَفاسِقِينَ}؛ أي: وما وجدنا أكثرهم إلا فاسقين خارجين عن طاعتنا وأمرنا، وهذا المعنى على مذهب الكوفيين من كون {إِنْ} للنفي واللام بمعنى إلا، وعند غيرهم إنّ {إِنْ} مخففة، واسمها ضمير الشأن، واللام فارقة، والمعنى حينئذ أي: وإنّ الشأن والحال وجدنا أكثر الأمم في عالم الشهادة، خارجين عن كل عهد فطري وشرعي وعرفي، فهم ناكثون غادرون للعهود، مرتكبون أفانين المعاصي، وفي التعبير بالأكثر إيماء إلى أنّ بعضهم قد آمن والتزم كل عهد عاهده الله عليه، أو تعاهد عليه مع الناس.

الإعراب

{قالَ الْمَلَأُ الَّذِينَ اسْتَكْبَرُوا مِنْ قَوْمِهِ لَنُخْرِجَنَّكَ يا شُعَيْبُ وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَكَ مِنْ قَرْيَتِنا أَوْ لَتَعُودُنَّ فِي مِلَّتِنا قالَ أَوَلَوْ كُنَّا كارِهِينَ}.


(١) الخازن.
(٢) المراغي.