للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

أجبت دعوتيكما} وهذا يؤكد قول من قال: إن هارون دعا مع موسى.

{فَاسْتَقِيمَا}؛ أي: فاثبتا على ما أنتما عليه من الدعوة، وإلزام الحجة ولا تستعجلا؛ أي: فامضيا لأمري، واثبتا على ما أنتما عليه من الدعوة إلى الحق، ومن إعداد شعبكما للكفاح والجلاد والخروج من مصر {وَلَا تَتَّبِعَانِّ سَبِيلَ الَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ}؛ أي: ولا تسلكا سبيل الذين لا يعلمون سنّتي في خلقي، فيستعجلا الأمر قبل ميقاته، ويستبطئا وقوعه في حينه؛ أي: ولا تسلكا طريق الجاهلين الذين يظنون أنه متى كان الدعاء مجابًا كان المقصود حاصلًا في الحال، والاستعجال، وعدم الوثوق بوعد الله يصدران من الجهال.

وفي سفر الخروج (١) من التوراة ما يدل على استجابة دعاء موسى، فقد كانت تنزل النوازل على مصر وأهلها، فيلجأ فرعون إلى موسى حين كل نازلة منها ليدعو ربه فيكشفها عنهم، فيؤمنوا به حتى إذا كشفها قسى الرب تعالى قلب فرعون، فأصر على كفره. وقرأ الجمهور (٢): {تتبعان} بتشديد التاء والنون، وابن عباس وابن ذكوان، بتخفيف التاء والنون على النفي، لا على النهي. وابن ذكوان أيضًا بتشديد التاء وتخفيف النون. وفرقة: بتخفيف التاء وسكون النون. وروى ذلك الأخفش الدمشقي عن أصحابه عن ابن عامر، فأما شد النون فعلى أنها نون التوكيد الشديدة، لحقت فعل النهي المتصل به ضمير الاثنين، وأما تخفيفها مكسورةً فقيل: هي نون التوكيد الخفيفة وكسرت كما كسرت الشديدة، لكون الكسر الأصل ولكونهما أشبهتا نون التثنية.

٩٠ - {وَجَاوَزْنَا بِبَنِي إِسْرَائِيلَ الْبَحْر} أي: جعلناهم مجاوزين بحر السويس، وسمي بحر القلزم، بأن جعلناه يبسا، وحفظناهم حتى بلغوا الشط، أي: جاوز بنو إسرائيل البحر بمعونة الله، تعالى، وقدرته وحفظه، وكان آيةً من آياته لنبيه موسى، عليه السلام، بفرقه تعالى بهم البحر. وقرأ الحسن: {وجوزنا} وهما لغتان.


(١) المراغي.
(٢) البحر المحيط.