للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

تصدوا لإيذاء النبي صلى الله عليه وسلم والكيد له، فقتل منهم من قتل في بدر، ولحق الصغار والهوان بالباقين.

١٢٥ - ثم أردف ذلك بالموازنة بينهم وبين المستعدين للإيمان، فقال: {فَمَنْ يُرِدِ اللَّهُ أَنْ يَهْدِيَهُ}؛ أي: فمن يرد الله سبحانه وتعالى هدايته للحق ويرشده لدينه {يَشْرَحْ صَدْرَهُ}؛ أي: يوسع قلبه {لِلْإِسْلامِ} حتى يقبله بصدر منشرح منبسط له.

ومعنى الآية (١): فمن يرد الله تعالى أن يهديه للإيمان بالله وبرسوله وبما جاء به من عنده .. يوفقه له ويشرح صدره لقبوله ويهونه عليه، ويسهله له بفضله وكرمه ولطفه به وإحسانه إليه، فعند ذلك يستنير الإسلام في قلبه، فيضيء به ويتسع له صدره.

والخلاصة (٢): فمن كان أهلا بإرادة الله وتقديره لقبوله دعوة الإسلام الذي هو دين الفطرة والهادي إلى طريق الحق والرشاد .. وجد لذلك في نفسه انشراحا واتساعا بما يشعر به قلبه من السرور، فلا يجد مانعا من النظر الصحيح فيما ألقي إليه فيتأمله وتظهر له عجائبه، وتتضح له دلالته، فتتوجه إليه إرادته، ويذعن له قلبه بما يرى من ساطع النور الذي يستضيء به لبه، وباهر البرهان الذي يتملك نفسه.

ولما نزلت هذه الآية (٣) .. سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن شرح الصدر، فقال:

«هو نور يقذفه الله تعالى في قلب المؤمن، فينشرح له وينفسح»، فقالوا: فهل لذلك من أمارة يعرف بها؟ قال: «نعم، الإنابة إلى الدار الخلود، والتجافي عن دار الغرور، والاستعداد للموت قبل نزول الموت». وأسند الطبري عن ابن مسعود - رضي الله عنه - قال: قيل لرسول الله صلى الله عليه وسلم حين نزلت عليه هذه الآية: {فَمَنْ يُرِدِ اللَّهُ أَنْ يَهْدِيَهُ يَشْرَحْ صَدْرَهُ لِلْإِسْلامِ} قال: «إذا دخل النور القلب .. انفسح وانشرح». قالوا: فهل لذلك من آية يعرف بها؟ قال: «الإنابة إلى دار


(١) الخازن.
(٢) المراغي.
(٣) الخازن.