وثالثها: الإخلاص بالقلب، وهو المراد من قوله:{وَخُفْيَةً}.
ورابعها: الالتزام عند الشدائد بالشكر، وهو المراد من قوله:{لَئِنْ أَنْجَانَا مِنْ هَذِهِ لَنَكُونَنَّ مِنَ الشَّاكِرِينَ}.
٦٤ - ثم بين أنهم يحنثون في أيمانهم بعد النجاة، ويشركون بربهم سواه، فقال:{قُلِ} لهم يا محمَّد {اللَّهُ يُنَجِّيكُمْ مِنْهَا}؛ أي: إن الله سبحانه وتعالى وحده ينجيكم من ظلمات البر والبحر وشدائدهما المرة بعد المرة، ويكشفها عنكم {وَ} ينجيكم {مِنْ كُلِّ كَرْبٍ} وغمٍّ سوى ذلك {ثُمَّ أَنْتُمْ} يا أهل مكة بعدما تشاهدون هذه النعم الجليلة {تُشْرِكُونَ} بعبادته تعالى غيره الذي عرفتم أنه لا يضر ولا ينفع ولا تفون بعهدكم.
والخلاصة (١)؛ أنه إذا شهدت الفطرة السليمة بأنه لا ملجأ في هذه الحالة إلا إلى الله، ولا تعويل إلا على فضله، فالواجب أن يبقى هذا الإخلاص في جميع الأحوال والأوقات، لكن الإنسان بعد الفوز بالسلامة والنجاة يحيل ذلك إلى الأعمال الجسمانية أو إلى نحو ذلك من الأسباب، ويعود إلى الشرك في العبادة، ولا يوفي بالعهد. وفي الآية تنبيه إلى أن من أشرك في عبادته تعالى غيره، فكأنه لم يعبده رأسًا، فالتوحيد ملاك الأمر وأساس العبادة
٦٥ - {قُلِ} هو يا محمَّد لقومك الذين يشركون مع الله سواه، ولا يشكرون نعمه التي أسداها إليهم: إن الله سبحانه وتعالى {هُوَ الْقَادِرُ عَلَى أَنْ يَبْعَثَ} ويرسل {عَلَيْكُمْ عَذَابًا} تجهلون حقيقته، فيصب عليكم {مِنْ فَوْقِكُمْ} كالمطر كما فعل بقوم نوح، والحجارة كما رمي أصحاب اللَّيل وقوم لوط، والصيحة؛ أي: الصرخة التي صرخها جبريل على ثمود قوم صالح، والربح كما في قوم هود. {أَوْ} يثيره {مِنْ تَحْتِ أَرْجُلِكُمْ} كالرجفة، وغرق فرعون، وخسف قارون {أَوْ يَلْبِسَكُمْ} ويخلط أمركم خلط اضطراب واختلاف لا خلط اتفاق، فيجعلكم {شِيَعًا} وفرقًا مختلفين على أهواء