شاءَ .. أظمأني، وإذا اكتسى قال: الحمد لله الذي كساني، ولو شاء .. جرَّدني، وإذا تغوَّط .. قال: الحمد لله الذي أخرج عني أذاه في عافية، ولو شاء .. حبسه.
والمعنى: أي يا سلالة ذلك النبي الكريم الذي شمله الله بجميل رعايته، وأنجاه من غرق الطوفان بما ألهمه من عمل السفينة التي حمل فيها من كل زوجين اثنين، أنتم من حفدة أبنائه، فتشبّهوا بأبيكم، واقتدوا به، فإنه كان عبدًا شكورًا؛ أي: مبالغًا في الشكر بصرفه كلّ ما أنعم الله به عليه فيما خلق لأجله، فاللّسان لذكر الله، والعقل للفكر فيما خلق الله والبصر للتأمل فيما صنع الله، وهكذا بقية الحواس، وأعضاء الجسم.
أخرج ابن مردويه عن معاذ بن أنس الجهنيّ أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال:«إنّ نوحًا كان إذا أمسى، وأصبح قال: سبحان الله حين تمسون، وحين تصبحون، وله الحمد في السموات والأرض، وعشيًا وحين تظهرون».
وأخرج ابن جرير، والبيهقي، والحاكم عن سلمان الفارسي قال:«كان نوح إذا لبس ثوبًا، أو أطعم طعامًا حمد الله تعالى، فسمي عبدًا شكورًا»، وفي هذا إيماء إلى أن إنجاء من كان معه كان ببركة شكره، وفيه حثٌّ للذرية على الاقتداء به، وزجرٌ لهم عن الشرك الذي هو أفظع مراتب الكفر.
وقرأ زيد بن ثابت (١)، وأبان بن عثمان، وزيد بن علي، ومجاهد في رواية، بكسر ذال {ذرية} وقرأ مجاهد أيضا بفتحها، وعن زيد بن ثابت {ذرية} بفتح الذال، وتخفيف الراء وتشديد الياء على وزن فعلية، كمطية، وقرىء ذرية بالرفع شاذا على تقديرهم ذرية، أو على البدل من الضمير في {يتخذوا} على القراءة بالياء لأنه غيب،
٤ - ثمّ بيّن سبحانه أنه أنعم على بني إسرائيل بالتوراة، وجعلها هدًى لهم، لكنهم لم يهتدوا بها فقال:{وَقَضَيْنا إِلى بَنِي إِسْرائِيلَ}؛ أي: أوحينا إليهم، وأعلمناهم، وأخبرناهم {فِي} ما آتيناهم من {الْكِتابِ}؛ أي: