للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

فرصة الغفلة عنهم، فكلما لمح أحد منهم غفلة عنه انصرف {صَرَفَ اللَّهُ قُلُوبَهُمْ} عن الإِيمان وعن استماع القرآن {بـ} سبب {أنهم قوم لا يفقهون} ولا يفهمون ما يسمعون من الآيات لسوء فهمهم وعدم تدبرهم؛ أي: صرف الله قلوبهم عن الإيمان الصادق، والاسترشاد بآيات كتابه، إلى ما في ملكوت السموات والأرض، من دلائل قدرته، وهذه الجملة إما إخبار بذلك، أو دعاء عليهم به، والمآل في هذه واحد في كلامه تعالى.

{بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لَا يَفْقَهُونَ}؛ أي: ذلك الصرف بسبب أنهم قوم فقدوا فهم الحقائق، وما يترتب عليها من الأعمال، فلا يفقهون ما يسمعون من الآيات لعدم تدبرها والتأمل في معانيها، مع موافقتها للعقل وهدايتها إلى الحق والعدل؛ لأنهم وطنوا أنفسهم على الإعراض عن كل ما جاء به، من غير بحث ولا تأمل، أحق هو أم باطل، أخير هو أم شر، وأنى لمثل هؤلاء، وتلك حالهم أن يهتدوا بنزول الآيات والسور؛ وعزتي وجلالي

١٢٨ - {لَقَدْ جَاءَكُمْ} وبعث إليكم يا معشر العرب، {رسولٌ} عظيم الشأن {مِنْ أَنْفُسِكُمْ}؛ أي: من جنسكم بشر عربي قرشي مثلكم. وقرىء (١): بفتح الفاء؛ أي: من أشرفكم وأفضلكم. قيل: هذه قرءاة فاطمة وعائشة رضي الله عنهما.

وإلى (٢) كون هذه الآية خطابًا للعرب، ذهب جمهور المفسرين؛ وقال الزجاج: هي خطاب لجميع العالم، والمعنى، لقد جاءكم {رَسُولٌ مِنْ} جنسكم في البشرية، إذ لو كان من الملائكة لضعفت قوى البشر عن سماع كلامه، والأخذ عنه.

وحاصل المعنى على القول الأول: أي (٣) لقد جاءكم يا معشر العرب رسول من جنسكم ونسبكم، والآية بمعنى قوله: {هُوَ الَّذِي بَعَثَ فِي الْأُمِّيِّينَ رَسُولًا مِنْهُمْ}.


(١) المراح.
(٢) الشوكاني.
(٣) المراغي.