للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

لمن رزقه رزقًا حسنًا، وقيل: أراد الحمد لله على إقامة هذه الحجة، ذكره "الشوكاني" {بَلْ أَكْثَرُهُمْ لَا يَعْلَمُونَ} أن كل الحمد لله وحده، فيسندون نعمه تعالى إلى غيره، ويعبدونه لأجلها، وبعض الكفار يعلمون ذلك، وأما لا يعلمون سبب الحمد عنادًا كقوله تعالى: {يَعْرِفُونَ نِعْمَتَ اللَّهِ ثُمَّ يُنْكِرُونَهَا وَأَكْثَرُهُمُ الْكَافِرُونَ (٨٣)}.

ونفي العلم (١) عنهم إما لكونهم من الجهل بمنزلة لا يفهمون بسببها ما يجب عليها، أو يتركون الحق عنادًا مع علمهم به، فكانوا كمن لا علم له، وخص الأكثر بنفي العلم إما لكونه يريد الخلق جميعًا وأكثرهم المشركون، أو ذكر الأكثر وهو يريد الكل، أو المراد: أكثر المشركين لأن فيهم من يعلم ولا يعمل بموجب العلم.

والمعنى: أي الحمد الكامل لله خالصًا دون ما تدعون من دونه من الأصنام، فإيَّاه فاحمدوا دونها، ما الأمر كما تفعلون، ولا القول كما تقولون، فليس للأوثان عندكم من يد ولا معروف فتحمد عليه، إنما الحمد لله، ولكن أكثر هؤلاء الكفار الذين يعبدونها لا يعلمون أن الحمد لله وحده، فهم بجهلهم بما يأتون وما يذرون يجعلونها لله شركاء في العبادة والحمد.

٧٦ - ثم ضرب مثلًا أخر يدل على ما يدل عليه المثل الأول على وجه أظهر وأوضح، فقال: {وَضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا} آخر يدل على ما يدل عليه المثل السابق على أوضح وجه وأظهره، و {رَجُلَيْنِ} بدل من مثلًا، ولكن على حذف مضاف؛ أي: مثل رجلين؛ أي: بين الله صفة رجلين {أَحَدُهُمَا أَبْكَمُ} وهو من ولد أخرس، ولا بد أن يكون أصمَّ {لَا يَقْدِرُ عَلَى شَيْءٍ} من الكلام؛ أي: لا يقدر (٢) على شيء من الأشياء المتعلقة بنفسه أو بغيره، بحدس أو فراسة لقلة فهمه، وسوء إدركه، وعدم قدرته على النطق {كَلٌّ عَلَى مَوْلَاهُ}؛ أي: ثقيل على وليه وقرابته، وعيال على من يلي أمره ويعوله، ووبالٌ على إخوانه، وقد يسمى اليتيم كلًّا لثقله


(١) الشوكاني.
(٢) روح البيان.