للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

على من يكفله، وهو بيان لعدم قدرته على إقامة مصالح نفسه، بعد ذكر عدم قدرته على شيء مطلق {أَيْنَمَا يُوَجِّهْهُ}؛ أي: حيثما يرسله مولاه في أمره وكفاية مهم، وهو بيان لعدم قدرته على إقامة مصالح مولاه، ولو كانت مصلحة يسيرة ... {لَا يَأْتِ بِخَيْرٍ}؛ أي: لا يأتي بنجح وفلاح ومطلوب؛ لأنه أخرس عاجز لا يحسن شيئًا، ولا يفهم ولا يفهم، والآخر ناطق (١) قادر خفيف على مولاه، أينما يوجهه يأت بخير، فحذف هذا الآخر المقابل المتصف بالصفات الأربع السابقة، للدلالة عليه بقوله: {وَمَنْ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ} إلخ، والاستفهام في قوله: {هَلْ يَسْتَوِي هُوَ} للإنكار؛ أي: هل يستوي ويماثل هذا الموصوف بهذه الصفات الأربع {وَمَنْ يَأْمُرُ} الناس {بِالْعَدْلِ} والخير؛ أي: هل يستوي هذا الموصوف بالصفات الأربع، ومن هو سليم الحواس نفاع ذو كفايات ذو رشد وديانة، يأمر الناس بالعدل والخير {وَهُوَ} في نفسه مع ما ذكر من نفعه العام للخاص والعام {عَلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ}؛ أي: على دين قويم وسيرة صالحة، فيجب (٢) أن يكون الآمر بالعدل عالمًا قادرًا مستقيمًا في نفسه، حتى يتمكن من الأمر بالعدل، وهذا مثلٌ ثان ضربه الله لنفسه، ولما يفيض على عباده من إنعامه، ويشملهم به من آثار رحمته وألطافه، وللأصنام التي هي أموات جماد لا تضر ولا تنفع ولا تسمع ولا تنطق ولا تعقل، وهي كل على عابديها؛ لأنها تحتاج إلى كلفة الحمل والنقل والخدمة، وقيل: كلا المثلين للمؤمن والكافر، والمؤمن هو الذي يأمر بالعدل وهو على صراط مستقيم، والكافر هو الأبكم الثقيل الذي لا يأمر بخير، فعلى هذا القول تكون الآية على العموم في كل مؤمن وكافر، وقيل: هي على الخصوص، فالذي يأمر بالعدل هو النبي - صلى الله عليه وسلم - وهو على صراط مستقيم، والذي يأمر بالظلم وهو أبكم أبو جهل.

والمعنى: أي (٣) ضرب الله سبحانه مثلًا لنفسه والآلهة التي يعبدونها من دونه، مثل رجلين أحدهما أخرس أصم لا يفهم ولا يفهم، فلا يقدر على شيء


(١) الفتوحات.
(٢) الخازن.
(٣) المراغي.