واختلف العلماء في عدة سجود التلاوة، فذهب الشافعي وأحمد وأكثر أهل العلم، إلى أنها أربع عشرة سجدة، لكن قال الشافعي: في الحج سجدتان، وأسقط سجدة {ص} وقال أبو حنيفة في الحج سجدة واحدة، وأثبت سجدة {ص}. وبه قال: أحمد في إحدى الروايتين عنه، فعنده أن السجدات خمس عشرة سجدة.
وذهب قوم إلى أن المفصل ليس فيه سجود. ويروى ذلك عن أبي بن كعب وابن عباس وبه قال مالك. فعلى هذا يكون سجود القرآن إحدى عشرة سجدة. يدل عليه ما روي عن أبي الدراء أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال:"في القرآن أحد عشرة سجدة". أخرجه أبو داود، وقال: إسناده واهٍ. ودليل من قال: في القرآن خمس عشرة سجدة؟ ما روي عن عمرو بن العاص قال: أقرأني رسول الله - صلى الله عليه وسلم - القرآن خمس عشرة سجدة. منها: ثلاثة في المفصل، وفي سورة الحج سجدتان. أخرجه أبو داود. وصح من حديث أبي هريرة - رضي الله عنه - قال: سجدنا مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في إقرأ، وإذا السماء انشقت. أخرجه مسلم.
وسجود التلاوة سنة للقارىء والمستمع. وبه قال الشافعي. وقال أبو حنيفة هو واجب. ولا يصح سجود التلاوة إلا بتكبيرة الإحرام والسلام خلافًا لأصحاب أبي حنيفة وبعض أصحاب الشافعي. ولا يجزىء الركوع عن سجود التلاوة. وقال: أبو حنيفة يجزىء. ولا يسجد المستمع إذا لم يسجد التالي. نص عليه أحمد. وتكره قراءة السجدة في صلاة الإخفات خلافًا للشافعي. ذكره ابن الجوزي.
٧٨ - {وَجَاهِدُوا} أيها المؤمنون {فِي اللَّهِ}؛ أي: في (١) سبيله وطاعته، ونصر دينه على أعداء دينه الظاهرة والباطنة، من أهل الضلال والبدع والهوى والنفس.