ومن تبعه من اليهود يقتلهم عيسى والمؤمنون، بحيث لا ينجو منهم واحد، فمعنى قوله:{فَاسْتَعِذْ بِاللهِ}؛ أي: من فتنة الدجال، فإنه ليس فتنة أعظم من فتنة الدجال.
٥٧ - وقوله:{لَخَلْقُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ} تحقيق للحق وتبيين لأشهر ما يجادلون فيه، وهو أمر البعث؛ أي: لخلق السموات والأرض ابتداءً من غير مثال سابق مع عظمهن {أَكْبَرُ}؛ أي: أعظم في النفوس، وأجل في الصدور {مِنْ خَلْقِ النَّاسِ} مرةً ثانيةً، وهي الإعادة لعظم أجرامهما واستقرارهما من غير عمد وجريان الأفلاك بالكواكب من غير سبب، فمن قدر على خلق الأعظم الأقوى بلا أصل ولا مادة .. وجب أن يقدر على خلق الأذل الأضعف من الأصل والمادة بطريق الأولى، فكيف يقرون بأن الله خلق السموات والأرض، وينكرون الخلق الجديد يوم البعث؟ وقد جرت العادة في مزاولة الأفعال أن علاج الشيء الكبير أشقّ من علاج الشيء الصغير, فمن قدر على ذلك .. قدر على ما دونه، كما قال: {أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّ اللهَ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَلَمْ يَعْيَ بِخَلْقِهِنَّ بِقَادِرٍ عَلَى أَنْ يُحْيِيَ الْمَوْتَى بَلَى إِنَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (٣٣)} وقال أيضًا: {وَنُفِخَ في الصُّورِ فَإِذَا هُمْ مِنَ الْأَجْدَاثِ إِلَى رَبِّهِمْ يَنْسِلُونَ (٥١)}.
{وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ} يعني الكفار {لَا يَعْلَمُونَ} أنّ الإعادة أهون من البداية، لقصورهم في النظر والتأمل، لفرط غفلتهم واتباعهم لأهوائهم؛ أي: ولكن هؤلاء المشركين لا يتدبّرون هذه الحجة ولا يتأملونها, ولا يعلمون أنّ الله سبحانه لا يعجزه شيء.
قال أبو العالية: المعنى: لخلق السموات والأرض أعظم من خلق الدجال حين عظّمته اليهود، ولكن أكثر الناس لا يعلمون، يعني اليهود الذين يخاصمون في أمر الدجال.
فصل في ذكر الأحاديث الواردة في الدجال
وعن هشام بن عروة قال: سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول:"ما بين خلق آدم إلى قيام الساعة، خلق أكبر من الدجال" أخرجه مسلم، معناه: أكبر فتنةً، وأعظم شوكة من الدجال.
وعن ابن عمر - رضي الله تعالى عنهما - أن النبي - صلى الله عليه وسلم - ذكر الدجال فقال: "إنه