وقوله:{وَلَا هُمْ يُنْصَرُونَ} توكيد لقوله: {لَا يُغْنِي مَوْلًى عَنْ مَوْلًى شَيْئًا}، فالمعنى: لا ينصر المؤمن الكافر، ولو كان بينهما في الدنيا علقة من قرابة، أو صداقة، أو غيرهما كما أشار إليه القرطبي.
٤٢ - {إِلَّا مَنْ رَحِمَـ} ـه {اللَّهُ} سبحانه وتعالى بالعفو عنه، وقبول الشفاعة في حقه، وهم المؤمنون، ومحله الرفع على البدل من {الواو} في {يُنْصَرُونَ}، كما في "المختار"، أو النصب على الاستثناء {إِنَّهُ} سبحانه وتعالى {هُوَ الْعَزِيزُ} الذي لا ينصر من أراد تعذيبه كالكفار {الرَّحِيمُ} لمن أراد أن يرحمه كالمؤمنين.
والمعنى: أي إن هذا اليوم الذي يفصل الله فيه بين خلقه، فيحق الحق ويبطل الباطل لآت لا محالة، وهو وقت حسابهم وجزائم على ما كسبت أيديهم من خير، أو شر، ونحو الآية قوله:{لَنْ تَنْفَعَكُمْ أَرْحَامُكُمْ وَلَا أَوْلَادُكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ يَفْصِلُ بَيْنَكُمْ}، وقوله:{إِنَّ يَوْمَ الْفَصْلِ كَانَ مِيقَاتًا}، ثم وصف أهوال هذا اليوم، فقال:{يَوْمَ لَا يُغْنِي مَوْلًى} إلخ؛ أي: إن هذا يوم تنقطع فيه الأسباب بابن آدم، فلا تنفع الناس إلا أعمالهم، فمن أصاب خيرًا في دنياه سعد به، ومن أصاب شرًا شقي به، ولا يغني القريب عن القريب، ولا يدفع عنه شيئًا من عذاب الله، ولا يجد الناصر الذي يقيه ذلك العذاب.
وقصارى ذلك: لا يفيد المؤمن الكافر، ولا ينصره ولو كان بينهما في الدنيا علقة من قرابة أو صداقة أو غيرهما، ونحو الآية قوله: {فَإِذَا نُفِخَ فِي الصُّورِ فَلَا أَنْسَابَ بَيْنَهُمْ يَوْمَئِذٍ وَلَا يَتَسَاءَلُونَ (١٠١)}، وقوله: {وَلَا يَسْأَلُ حَمِيمٌ حَمِيمًا (١٠) يُبَصَّرُونَهُمْ} {إِلَّا مَنْ رَحِمَ اللَّهُ}؛ أي: لكن من رحمه الله تعالى، فإنه لا يحتاج إلى قريب ينفعه، ولا إلى ناصر ينصره، قاله الكسائي على أن الاستثناء منقطع، وقيل: متصل، والمعنى: لا يغني قريب عن قريب إلا المؤمنين، فإنهم يؤذن لهم في الشفاعة فيشفعون، إنه سبحانه هو العزيز في انتقامه من أعدائه، الرحيم بأوليائه وأهل طاعته.
٤٣ - ثم لما وصف يوم الفصل، ذكر بعده وعيد الكفار، فقال: {إِنَّ شَجَرَتَ الزَّقُّومِ (٤٣)} وقرىء بكسر الشين، هي على صورة شجرة الدنيا، لكنها في النار،