على ذلك، لا يمسنا نصب ولا لغوب. وفي ذلك تعريض باليهود الذين قالوا: إنّ الله خلق السموات والأرض في ستّة أيّام، واستراح في اليوم السابع مستلقيًا على عرشه.
٤٨ - {وَالْأَرْضِ}؛ أي: وفرشنا الأرض {فَرَشْنَاهَا}؛ أي: مهدناها، وبسطناها على الماء من تحت الكعبة مسيرة خمس مئة عام ليستقروا عليها, ويتقلبوا فيها كما يتقلب أحدهم على فراشه ومهاده. {فَنِعْمَ الْمَاهِدُونَ}؛ أي: فنعم الفارشون نحن. والمخصوص بالمدح محذوف كما قدرنا؛ أي: هم نحن، فحذف المبتدأ والخبر من غير أن يقوم شيء مقامهما.
وقد اختلف القدماء في هيئة الأرض وشكلها (١)، فذكر بعضهم أنها مبسوطة مستوية السطح في أربع جهات: المشرق، والمغرب، والجنوب، والشمال. وزعم آخرون أنها كهيئة المائدة، ومنهم من زعم أنها كهيئة الطبل، وذكر بعضهم أنها تشبه نصف الكرة كهيئة القبة، وأنّ السماء مركبة على أطرافها. وزعم قوم أن الأرض مقعرة وسطها كالجام. والذي عليه الجمهور أنَّ الأرض مستديرة كالكرة، وأنّ السماء محيطة بها من كل جانب إحاطة البيضة بالمح. فالصفرة بمنزلة الأرض، وبياضها بمنزلة السماء، وجلدها بمنزلة السماء الأخرى. غير أنَّ خلقها ليس فيه استطالة كاستطالة البيضة، بل هي مستديرة كاستدارة الكرة المستوية الخرط حتى قال مهندسوهم: لو حفر في الوهم وجه الأرض، لأدى إلى الوجه الآخر، ولو ثقب مثلًا ثقب بأرض الأندلس لنفذ الثقب بأرض الصين.
واختلف في كمية عدد الأرضين. فروي في بعض الأخبار: أنَّ بعضها فوق بعض. وغلظ كل أرض مسيرة خمس مئة عام، حتى عد بعضهم لكل أرض أهلًا على صفة وهيئة عجيبة. وسمى كل أرض باسم خاص كما سمى كل سماء باسم خاص. وزعم بعضهم أن في الأرض الرابعة حيات أهل النار، وفي الأرض السادسة حجارة أهل النار.
وعن عطاء بن يسار: في قوله تعالى: {خَلَقَ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ وَمِنَ الْأَرْضِ مِثْلَهُنَّ} قال: