ألبتة بمعونة المقام كما هنا، إذ السين موضوعة للدلالة على الوقوع مع التأخير، فهذا كان المقام ليس مقام تأخير لكونه بشارة ووعدًا، تمحضت لتأكيد الوقوع اهـ. كرخي.
{إِنَّ اللَّهَ} سبحانه وتعالى {عَزِيزٌ}؛ أي: غالب لا يمنع من مراده من رحمةٍ أو عقوبة، ولا يمتنع عليه شيء من وعده ووعيده {حَكِيمٌ} فيما دبره لعباده، لا يضع شيئًا منهما في غير موضعه.
٧٢ - والإظهار في موضع الإضمار في قوله:{وَعَدَ اللَّهُ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ} لزيادة التقرير والإشعار بعلية وصف الإيمان للوعد المذكور، ذكره أبو السعود. وبعد أن بين صفاته روحمته لهم إجمالًا .. بين ما وعدهم به، من الجزاء المفسر لرحمته تفصيلًا، فقال:{وَعَدَ اللَّهُ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ جَنَّاتٍ} وبساتين {تَجْرِي} وتسيل {مِنْ تَحْتِهَا}؛ أي: من تحت أشجارها وقصورها {الْأَنْهَارُ} الأربعة الجارية في الجنة، اللبن، والماء، والخمر، والعسل، حالة كونهم {خَالِدِينَ فِيهَا}؛ أي: ماكثين في تلك الجنات مكثًا مؤيدًا لا نهاية له {و} وعدهم {مساكن طيبة}؛ أي: منازل حسنة يسكنون فيها من الدرِّ والياقوت تستطيبها النفس، أو يطيب فيها العيش، أو قد طيبها الله بالمسك والريحان، ويقال: جميلةً ويقال: طاهرةً ويقال: عامرةً كائنة {فِي جَنَّاتِ عَدْنٍ} وخلود وإقامة مؤبدة، فجنات عدن، هي جنات الإقامة والخلود كقوله:{جَنَّةُ الخُلْدِ}{جَنَّةُ المَأوَى} وقيل: إنه منزل من منازل دار النعيم، كالفردوس الذي هو أوسط الجنة أو أعلاها، روي عن أبي هريرة:"إن في الجنة مئة درجة أعدها الله للمجاهدين في سبيله، كل درجتين ما بينهما، كما بين السماء والأرض، فهذا سألتم الله، فاسألوه الفردوس، فإنه أوسط الجنة، وأعلى الجنة، ومنه تفجر أنهار الجنة، وفوقه عرش الرحمن".
تتمة: والجنَّات (١): البساتين الملتفة الأشجار، التي تجن ما تحتها؛ أي: