للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

كذَّب} قلب محمد - صلى الله عليه وسلم - {مَا رَأَى}؛ أي: بعينه تلك الليلة، بل صدقه، وحققه، وقرىء. بالتخفيف؛ أي: ما كذب فؤاد محمد الذي رآه، بل صدقه. والمعنى: ما كذب الفؤاد فيما رأى.

واختلفوا في الذي رآه فقيل: رأى جبريل. وهو قول ابن عباس، وابن مسعود، وعائشة. وقيل: هو الله عز وجل. ثم اختلفوا في معنى رؤية الله، فقيل: جعل بصره في فؤاده، وهو قول ابن عباس.

عن ابن عباس {مَا كَذَبَ الْفُؤَادُ مَا رَأَى (١١)} {وَلَقَدْ رَآهُ نَزْلَةً أُخْرَى (١٣)}. قال: رآه بفؤاده مرتين. وذهب جماعة إلى أنه رآه بعينه حقيقة. وهو قول أنس بن مالك، والحسن، وعكرمة. قالوا: رأى محمد ربه عز وجل. وروى عكرمة عن ابن عباس قال: إن الله عز وجل اصطفى إبراهيم بالخلة، واصطفى موسى بالكلام، واصطفى محمدًا بالرؤية. وقال كعب: إنَّ الله قسم رؤيته وكلامه بين محمد وموسى، فكلم موسى مرتين، ورآه محمد مرتين. أخرجه الترمذي بأطول من هذا.

وكانت عائشة تقول: لم ير رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ربه، وتحمل الآية على رؤية جبريل. وعن مسروق قال: قلت لعائشة: يا أماه هل رأى محمد ربه، فقالت: لقد قَفَّ شعري مما قلت، أين أنت من ثلاث من حدثكهن، فقد كذب؟ من حدثك أن محمدًا رأى ربه، فقد كذب ثم قرأت {لَا تُدْرِكُهُ الْأَبْصَارُ وَهُوَ يُدْرِكُ الْأَبْصَارَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ}، {وَمَا كَانَ لِبَشَرٍ أَنْ يُكَلِّمَهُ اللَّهُ إِلَّا وَحْيًا أَوْ مِنْ وَرَاءِ حِجَابٍ} ومن حدثك أنه يعلم ما في غد فقد كذب، ثم قرأت {وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ مَاذَا تَكْسِبُ غَدًا وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ بِأَيِّ أَرْضٍ تَمُوتُ}، ومن حدثك أن محمدًا كتم أمرًا فقد كذب، ثم قرأت {يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ}. ولكنه رأى جبرئيل في صورته مرتين. أخرجاه في "الصحيحين".

عن أبي ذر قال: سألت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - هل رأيت ربك؟ قال: "نور أنى أراه". قوله عز وجل: {أَفَتُمَارُونَهُ عَلَى مَا يَرَى (١٢)} يعني: أفتجادلونه على ما يرى. وذلك أنهم جادلوه حين أسري به، وقالوا: صف لنا بيت المقدس، وأخبرنا عن عيرنا في الطريق، وغير ذلك مما جادلوه به.

والمعنى: أفتجادلونه جدالًا ترومون به دفعه عما رآه وعلمه.

١٣ - {وَلَقَدْ رَآهُ}؛ أي: وعزتي وجلالي لقد رأى محمد جبريل عليهما السلام في