للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

وقَعَ منه في عبادة ونحوها، وقد اختلفوا في مقدار الفدية، فقيل: كل يوم صاع من غير البر ونصف صاع منه، وقيل: مُدّ فقط؛ وهو قول فقهاء الحجاز، وقال ابن عباس - رضي الله عنهما -: يعطي كل مسكين عشاءه وسحوره.

{فَمَنْ تَطَوَّعَ}؛ أي: تبرع {خَيْرًا} فزاد في الفدية على القدر الواجب، أو صام مع إخراج الفدية، أو أطعم مع المسكين مسكينًا آخر، وقرأ عيسى ابن عمرو، ويحيى بن ثابت، وحمزة، والكسائي {يَطُّوْع} مشددًا مع جزم الفعل على معنى يتطوع، وقرأ الباقون: بتخفيف الطاء على أنه فعل ماضٍ: {فَهُوَ}؛ أي: فذلك التطوع {خَيْرٌ لَهُ} بالثواب، {وَأَنْ تَصُومُوا} أيها المرخصون لكم في الإفطار من المرضى والمسافرين والذين يقدرون على الصوم مع المشقة {خَيْرٌ لَكُمْ} من الإفطار والفدية، أو تطوع الخير، أو منهما ومن التأخير للقضاء. وقرأ أبي: {والصوم خير لكم} وهي قراءة شاذة. {إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ} ما في الصوم من الفضيلة، ومن المعاني المورثة للتقوى، وبراءة الذمة، فإن العبادة كلما كانت أشق .. كانت أكثر ثوابًا، وجواب {لو} محذوف دل عليه ما قبله؛ تقديره: اخترتموه. وقد ورد في فضل الصوم أحاديث كثيرة.

وأخرج (١) عبد بن حميد، وابن جرير، والدارقطني، وصححه عن ابن عباس أنه قال لأم ولد له حامل أو مرضعة: أنت بمنزلة الذين لا يطيقون الصوم، عليك الطعام، لا قضاء عليك. وأخرج عبد بن حميد، وابن أبي حاتم، والدارقطني عن ابن عمر أن إحدى بناته أرسلت إليه تسأله عن صوم رمضان، وهي حامل؟ قال: تفطر وتطعم كل يوم مسكينًا، وقد روي نحو هذا عن جماعة من التابعين.

١٨٥ - {شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنْزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ}؛ أي: تلك الأيام المعدودات التي فرضت صومها عليكم أيها المؤمنون؛ هي شهر رمضان الذي ابتدي فيه إنزال القرآن من اللوح المحفوظ إلى السماء الدنيا في محل من تلك السماء يسمى:


(١) شوكاني.