للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

بإنشائه من غير شريك ولا ظهير، ثم لعيده خلقًا جديدًا بعد إفنائه وإعدامه، كما بدأه خلقًا سويًا ولم يك شيئًا، ثم إليه يردون فيحشرون لفصل القضاء بينهم، فيجزي الذين أساؤوا بما عملوا، ويجزي الذين أحسنوا بالحسنى، ثم بين ما سيحدث في ذلك اليوم من الأهوال للأشقياء، والنعيم والحبور للسعداء، فقال: {وَيَوْمَ تَقُومُ السَّاعَةُ} .. إلخ؛ أي: ويوم تجيء الساعة التي فيها يفصل الله بين خلقه بعد نشرهم من قبورهم، وحشرهم إلى موقف الحساب، يسكت الذين أشركوا بالله، واجترحوا في الدنيا مساوي الأعمال، إذ لا يجدون حجة يدفعون بها عن أنفسهم ما يحل بهم من النكال والوبال.

١٣ - ولما كان الساكت قد يغنيه غيره عن الكلام .. نفى ذلك بقوله: {وَلَمْ يَكُنْ لَهُمْ} أي: ولا يكون لهؤلاء المشركين {مِنْ شُرَكَائِهِمْ}؛ أي: من أوثانهم التي عبدوها رجاء الشفاعة، أو رؤسائهم الذين كانوا يتبعونهم على ما دعوهم إليه من الضلالة {شُفَعَاءُ} يستنقذونهم، ويجيرونهم من عذاب الله، وإذ ذاك يستبين لهم جهلهم وخطؤهم، إذ قالوا هؤلاء شفعاؤنا عند الله، وعبر (١) بالمضارع المنفي بـ {لَمْ} الذي كان ماضي المعنى، لتحققه في علم الله، وكذا يقال فيما بعده، وصيغة الجمع في قوله: {شُفَعَاءُ} لوقوعها في مقابلة الجمع؛ أي: لم يكن لكل واحد منهم شفيع أصلًا، وأضاف الشركاء إليهم في قوله: {شُرَكَائِهِمْ} لأنهم أشركوهم في أموالهم، وقيل: لأنهم اتخذوها بزعمهم شركاء لله.

وقرأ الجمهور (٢): {وَلَمْ يَكُنْ} بالياء التحتية، وقرأ خارجة، والأريس كلاهما عن نافع، وابن سنان عن أبي جعفر، والأنطاكي عن شيبة، بتاء التأنيث.

وكتب في المصحف (٣): {شفعواء} بواو قبل الألف كما كتب: {علمواء} بني إسرائيل في الشعراء، و {السوأى} بالألف قبل الياء إثباتًا للهمزة على صورة الحرف الذي منه حركتها.


(١) روح البيان.
(٢) البحر المحيط.
(٣) روح البيان.