للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

٣٢ - قوله: {الَّذِينَ تَتَوَفَّاهُمُ الْمَلَائِكَةُ} في محل نصب نعت للمتقين المذكور قبله؛ أي: يقبض ملك الموت وأعوانه أرواحهم حال كونهم {طَيِّبِينَ}؛ أي: طاهرين (١) من الكفر والشرك، مبرئين عن العلائق الجسمانية، متوجهين إلى حضرة القدس، فرحين ببشارة الملائكة إياهم بالجنة، حتى صاروا كأنهم مشاهدون لها، ومن هذا حاله لا يتألم بالموت.

وقرأ زيد بن ثابت وأبو عبد الرحمن (٢): {جنات عدن} بالنصب على الاشتغال؛ أي: يدخلون جنات عدن يدخلونها، وهذه القراءة تقوي إعراب جنات عدن بالرفع على أنه مبتدأ، ويدخلونها الخبر، وقرأ زيد بن عليّ: {ولِنعْمَةُ دارِ} بتاءِ مضمومةٍ، ودارٍ مخفوضٍ بالإضافة، فيكون نعمة مبتدأ وجنات الخبر.

وقرأ السلمي: {تدخلونها} بتاء الخطاب، وقرأ إسماعيل بن جعفر عن نافع: {يدخلونها} بياء على الغيبة، والفعل مبني للمفعول، ورويت عن أبي جعفر وشيبة.

وقرأ الأعمش وحمزة (٣):) {تَتَوَفَّاهُمُ} في هذا الموضع، وفي الموضع الأول بالياء التحتية، وقرأ الباقون: لمثناة الفوقية، واختار القراءة الأولى أبو عبيد مستدلًا بما روي عن ابن مسعود أنه قال: إن قريشًا زعموا أن الملائكة إناث فذكروهم أنتم.

وجملة قوله: {يَقُولُونَ} حالٌ من الملائكة؛ أي: حالة كون الملائكة قائلين لهم على وجه التعظيم والتبشير {سَلَامٌ عَلَيْكُمُ} لا يحيق بكم بعد مكروه، {ادْخُلُوا الْجَنَّةَ} التي أعدها لكم ربكم، ووعدكموها، والمراد دخولهم له في وقته، {بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ}؛ أي: بسبب (٤) ثباتكم على التقوى والطاعة والعمل وإن لم يكن موجبًا للجنة؛ لأن الدخول فيها محض فضل الله إلا أن الباء دلت على أن الدرجات إنما تنال بالأعمال وصدق الأحوال، فإن المراد من دخول


(١) المراح.
(٢) البحر المحيط.
(٣) الشوكاني.
(٤) روح البيان.