للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

ولا ولد يوم تذهل كل مرضعة عما أرضعت يوم يوضع الميزان ويحاسب كل امرىءٍ، على النقير والقطمير {وَأُولَئِكَ} الكفار.

المذكورون هم {أَصْحَابُ النَّارِ} وملازموها {هُمْ فِيهَا}؛ أي: في النار {خَالِدُونَ}؛ أي: دائمون لا يخرجون منها ولا يموتون.

وقيل: إنما خصَّ الله سبحانه وتعالى الأموال والأولاد بالذكر؛ لأن أنفع الجمادات هو الأموال، وأنفع الحيوانات هو الولد. ثم بين تعالى أن الكافر لا ينتفع بهما البتة في الآخرة وذلك يدل على عدم انتفاعه بسائر الأشياء بطريق الأولى.

١١٧ - وبعد ما بين سبحانه وتعالى: أن أموالهم لا تغنى عنهم شيئًا ... ذكر أن ما ينفقونه من المال في سبيل الخير لا يجديهم ليزيل ما ربما علق بالبال من أنهم ينتفعون به، وضرب لذلك مثلًا فقال: {مَثَلُ مَا يُنْفِقُونَ} أي: صفة ما ينفقه الكفار {فِي هَذِهِ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا} في المفاخر والمكارم، وكسب الثناء وحسن الذكر بين الناس، أو ينفقونه في سبيل الخيرات كبناء الرباطات والقناطر والإحسان إلى الضعفاء والأيتام والأرامل. وقرأ ابن هرمز (١) الأعرج {تنْفِقُونَ} بالتاء على معنى: قل لهم قيل (٢): أراد نفقة أبي سفيان، وأصحابه ببدر، وأحد في معاداة النبي - صلى الله عليه وسلم - وقيل: أراد نفقة اليهود على علمائهم، ورؤسائهم، وقيل: أراد نفقات جميع الكفار، وصدقاتهم في الدنيا، وقيل: أراد نفقة المرائي الذي لا يريد بما ينفق وجه الله تعالى؛ وذلك لأنَّ إنفاقهم المال إما أن يكون لمنافع الدنيا، أو لمنافع الآخرة، فإن كان لمنافع الدنيا .. لم يبق له أثر في الآخرة في حق المسلم، فضلًا عن الكافر، وإن كان لمنافع الآخرة كمن يتصدق، ويعمل أعمال البر، فإن كان كافرًا .. فإنَّ الكفر محبط لجميع أعمال البر؛ فلا ينتفع بما أنفق


(١) البحر المحيط.
(٢) الخازن.