أي: اعلموا {إِنَّ اللَّهَ} سبحانه {هُوَ الْغَفُورُ}؛ أي: كثير المغفرة لعباده، يغفر ذنوب المقبلين {الرَّحِيمُ}؛ أي: كثير الرحمة بهم، بأن يرزقهم جنته وقربه، وبرحمته يأمر الملائكة بالاستغفار لبني آدم، مع كثرة عصيانهم، والكفار الذين يرتكبون الشرك، والذنوب العظام، لا يقطع رزقهم ولا صحتهم، وتمتعاتهم من الدنيا، وإن كان يريد أن يعذّبهم في الآخرة.
يقول الفقير: إن الملائكة وإن كانوا يستغفرون للمؤمنين، فالمؤمنون يسلّمون عليهم كما يقولون في التشهد: السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين، إذ لا يعصون ما أمرهم ويفعلون ما يؤمرون، فالمنة لله تعالى على كل حال.
وفي الآية: إشارة إلى أن قومًا من الجهلة يقولون على الله ما لا يعلمون، ومن عظم افترائهم تكاد السموات تنشق من فوقهم؛ لأنّ الله تعالى ألبسها أنوار قدرته، وأدخلها روح فعله، حتى عقلت عبودية صانعها؛ وعرفت قدسه وطهارته عن قول الزائغين، وإشارة الملحدين، والملائكة يقدسون الله، عما يقولون فيه من الزور والبهتان، والدعاوى الباطلة، ويستغفرون للمؤمنين، الذين لم يبلغوا حقيقة عبوديته، فإنهم هم القابلون للإصلاح، لاعترافهم بعجزهم، وقصورهم، دون المصرين المبتدعين.
وفي الآية: إيماء أيضًا إلى قبول استغفار الملائكة، وهو يزيد على ما طلبوه من المغفرة، الرحمة بهم، وتأخير عقوبة الكافرين والعصاة نوع من المغفرة والرحمة، لعلهم يرعوون عن غوايتهم، ويثوبون إلى رشدهم، وينيبون إلى ربهم،
٦ - ثم أبان وظيفة الرسل، فقال:{وَالَّذِينَ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِهِ أَوْلِيَاءَ}؛ أي: أصنامًا وأندادًا وشركاء، أشركوهم معه تعالى، في العبادة {اللَّهُ} سبحانه {حَفِيظٌ}؛ أي: رقيب {عَلَيْهِمْ}؛ أي: على أحوالهم، ومطلع على أعمالهم، ليس بغافل عنهم، فيجازيهم، لا رقيب عليهم إلا هو وحده {وَمَا أَنْتَ} يا محمد - صلى الله عليه وسلم - {بِوَكِيلٍ}؛ أي: بموكول إليه أمورهم، ولا بموكل بهم، حتى تسأل عنهم وتؤخذ بهم، وإنما وظيفتك الإنذار وتبليغ الأحكام، قيل: وهذه الآية منسوخة بآية السيف.